للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في بيوت عديدة ما دلني على أن الزوجات والأمهات اللواتي فيها قد كن تلميذات في هذه المدرسة أو أنهن عاشرن معلماتها والمتعلمات فيها.

إنني في كلامي عن المدارس لا أخصص جنساً منها بل أمتدح كل المدارس على اختلاف نزعاتها وصفاتها والقائمين بالعمل فيها ولا أقول أنه توجد مناظرة بين هذه المدارس أو أنني أكره المناظرة في هذا السبيل بل أقول أنني أرجو الخير لجميعها إذا كانت تعمل وهي ولا شك تعمل لخير المصريين.

هذا ما قالع العلامة المشار إليه وهو كما تراه يرمي إلى الاستقلال وينفر الناس عن الاتكال إذ قد عز عليه أن يرى شبان الشرق يقلدون بعض شبان الغرب في مكاسبهم ومعايشهم فيصبحون عالة على الحكومات يرزقون من خزائنها مختارين في عملهم الراحة على السعي والكسل على المضاء والتضييق على الانطلاق والاتكال على الاستقلال فتخرب البلاد بإهمال أبنائها لها ويفتحون بأيديهم أبواب بيوتهم للدخلاء والغرباء وتترك خيرات الأرض لمن يقوم على تعهدها واستثمارها واستنباتها.

ومن طبيعة المرء أن يحب العيش المضمون المريح وليس أحسن من الوظائف في هذا الباب تضمن معاش الإنسان في حياته وبعد مماته فيتدرج في سلسلة المراتب ولاسيما إذا كان على شيء من المعرفة المكتسبة والجربذة والدهاء ومعرفة المدخل والمخرج في نيل رضى رؤسائه بحيث يكون كالآلة في أيدي محركها ولا يطلب من الآلة إلا تنظيم سيرها فإن نطقت هي وسألت عن السبب كان للموظف ولاسيما إذا كان صغيراً أن يسأل عنه. يكفي في مضار التوظيف في الحكومات أنها تسلب الإرادة ومكن سلبت إراداته فنيت نفسه ومن فنيت نفسه كان كالميت لا يتحرك إلا إذا حرك. وأن أمة يرضى أرباب نوابغ الذكاء فيها لأنفسهم أن يكون بلا إرادة ولا شخصية ولا استقلال جديرة بالضعة والمقت والفقر والخمول وإذا حاز النبهاء هذه الصفات السيئة فأولى أن يكون حظ الخاملين أتعس. ولا رجاء لعامة ضعف خاصتها عن تعهد أمرها.

ومن أكبر الدواعي في ترجع عمران البلاد العثمانية والمصرية أنه وقر في النفوس مع الزمن أن من لم يخدم الحكومة لا يعد من الأشراف ولا من أرباب المكانة والرأي والوجاهة. وإن كل مروءة وحكمة وعقل وعلم ورفعة وقف على الموظفين ومن لم يحتك