للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى مصانعتهم واسترضائهم والفضل الأكبر في هذا النفوذ كان للملك إدوارد الذي أدار دفة السياسة بيده واهتم بتدبير الأمور على هذا المنوال.

ومن غرائب الاتفاق في السنوات التسع التي كان فيها هذا العاهل على العرش البريطانية لم يظهر أثنائها رجال بين ساسة الإنكليز مثل الذين ظهروا على عهد والدته بالاقتدار والحنكة والدراية فلم يكن لديه مثل غلادستون وسالسبوري وبيت وبكنسفليد وبلمترسون وغيرهم فكان الحمل عليه ثقيلاً والتبعة عظيمة وأخذ على عاتقه استنباط الأساليب واختراع المذاهب السياسية ومال إلى سياسة العلم والرفق أكثر ملوك أوربا ورؤساء حكوماتها وألف بين القلوب وأصفى الود لأعدائه وعقد معهم عقد المودة والإخلاص وصارت إنكلترا التي كانت بالتقاليد الأوربية القديمة مهتمة بالاعتزال والانفراد والكبرياء ومكروهة من الشعوب أقرب الأقوام مودة وأعلقهم بقلوب الأمم.

فهو أول ملك إنكليزي زار قياصرة الروس في عاصمتهم وأول من انتزع سخائم البغض والعداوة الراسخة بين الإنكليز والفرنسيس. وقد تعاصى عليه استجلاب ابن أخته إمبراطور ألمانيا باللين والصداقة فألب عليه جيرانه وكاد يخرج إيطاليا من المحالفة الثلاثية يفرد الدولة الألمانية وحدها بين الممالك الأوربية.

أما علاقة الملك إدوارد بدولتنا وسلطاننا فقد كانت في دور الاستبداد أقرب إلى العداء منها إلى الصداقة وقد صرح مراراً في مفاوضاته السياسية أنه يتمنى الخير للدولة العلية غير أنه بائس من إصلاحها ويحسبها عضواً فاسداً في العالم المتمدن لم يكن نصيراً للدولة الحميدية في نكباتها ولا أعانها في ويلاتها الكثيرة بل ربما شد في بعض مآزقها ومهد السبيل إلى ندور بعض الولايات عنها فكانت له اليد الطولى في استقلال كريت ورغب في إخراج مكدونيا من الوحدة العثمانية متبعاً بذلك سياسة غلادستون الذي كان الحزم بتقسيم الدولة العثمانية إلى ممالك صغيرة حرصاً على السلم العام. وصفاء بال العناصر من المشاكل الحميدية.

ثم لما تبين الرشد من الغي وانتصر الحق على الباطل بظهور الأحرار على الأشرار وإعلان الدستور في البلاد العثمانية كان الملك إدوارد أشد الأجانب فرحاً بهذا الانقلاب وأكثرهم مظاهرة لحكومتنا الجديدة الحرة فوقف في وجه ألمانيا وعرقل دسائسها في البلقان