ابن العرب ويعتذرون عن قصورهم بأنهم لم يتعلموا في المدارس لغة آبائهم وأجدادهم ومن يقدرون منهم على الكتابة الصحيحة بلغتهم فأفراد يعدون على الأصابع تعلموها في الغالب بعد أن أنجزوا دروسهم. والمتخرجون في مدارس الحكومة لا يحسنون في الأكثر تاريخ الدولة العثمانية فضلاً عن تاريخ العرب وأمجاد أسلافهم.
جنت مدارس الأجانب والحكومة على هذه البلاد أعظم جباية لأن المتخرجين فيها ومعظمهم من الذكاء على جانب عظيم لم ينفعوا الدولة حق النفع ولم ينفعوا البلاد التي ولدوا فيها فتراهم ضعافاً في حبهم أوطانهم فإما أن يتنقلوا في الوظائف وإما أن ينتقلوا من البلاد جملة فتحرم منهم الأمة التي أولدتهم والسماء التي أظلتهم والأرض التي أقلتهم والبلاد لا تعمر إلا بأيدي أبنائها بعد أن قيل في الأمثال قتل أرضاً عالمها وهل أعلم بها من أبنائها.
ابحث عمن تخرج في هاتيك المدارس منذ ثلاثين سنة تجدهم إلا قليلاً وقفوا أنفسهم على نفع غيرهم واحتقروا جنسيتهم ولغتهم وربما كان عدد المحتقرين لهما في ناشئة المدارس الأميرية أكثر من متخرجي المدارس الأجنبية لأن هؤلاء يرون باحتكاكهم بالأجانب مبلغ تفاني هؤلاء في إنهاض أممهم وحبهم لغتها وتقاليدها ولمدارسهم عناية بالعربية أكثر من المدارس الأميرية فإذا كان الطالب حصيف الرأي لا ينطلي عليه محال من يعلمونه ولكن من أين له وطنية كوطنيتهم وغيرة كغيرتهم وهو لا يعرف من أسباب وطنيته حتى ولا لغتها ولا من مجد أجداده إلا قشوراً ولا من حاجات بلاده وقانونها إلا تافهاً. وهل غير القوي يدافع عن حوزته وغير العاقل يحتفظ بعاداته ولغته والقوة لا تنشأ إلا بالعلم والتربية الوطنية.
إن المدارس غير العربية في سورية أشبه بالسارق الذي يسرق الأعلاق ونفائس المتاع. استغفر الله بل من يسرق فلذات الأكباد ليخرجها على ما أراد أشق على النفس وطأة وأعظم في المغبة أثراً وهل يقاس سارق الأموال بسارق الأطفال والرجال أوليست الأرواح أثمن من كل بضاعة وهل أعز من الولد على قلب والديه.
وليس معنى هذه الدعوة إلى مقاطعة المدارس الغير العربية فإن أهل هذه البلاد لا غنى لأفراد منهم على تعلم اللغة التركية لغة السياسة الجامعة ولا عن تلقف بعض اللغات الأوربية الراقية كالإنكليزية والفرنساوية والألمانية والإيطالية ولكن الواجب أن يتعلموا ما