للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من أصحابه فأرسله الحاكم سراً إلى بر الشام فنزل بوادي التيم بالقرب من جبل الشيخ وهناك نادى بإلوهية الحاكم وكان الأمراء التنوخيون الذين أتوا من العراق إلى الشام من الباطنية ولذلك كانوا مستعدين لقبول دعوة الدرزي فانقادوا إليها ومن ذلك تسميتهم بالدروز. وقتل الدرزي المذكور في وقعة مع التتر سنة إحدى وعشرة وأربعمائة.

وثانيهما حمزة بن علي بن أحمد وكان وقع الخلاف بينه وبين الدرزي وبعده تقدم مكانه ودعا بإلوهية الحاكم فأجابه البعض واتخذ معبداً سرياً لعبادة الحاكم وجعل نفسه ثانياً له فهو مقدس ومحترم عند القائلين بإلوهية الحاكم يلقب عندهم بهادي المستجيبين وحجة القائم وغير ذلك. وهم يكرهون محمد الدرزي ويشتمونه ويكرهون التسمية باسمه لما أنه أراد أن يغتصب منصب حمزة ويتقدم عليه بما فعله كما يعلم من رسالة الغاية والنصيحة من كتبهم. ولما قتل الحاكم قرب حلوان زعم الدروز أنه خرج في ليلة منفرداً إلى البركة الزرقاء ومن هناك عرج إلى السماء متخفياً عن أعين الناس وكتب حمزة بعد وفاة الحاكم الرسالة المسماة بالسجل المعلق وعلقها على أبواب الجامع وفيها يقول أن الحاكم اختفى امتحاناً لإيمان المؤمنين وشرع حمزة يزرع في القلوب بذر الاعتقاد بإلوهية الحاكم وتوحيده وعبادته ويجتمع هو وأتباعه في المعبد السري يعبدون الحاكم حتى ثارت عليهم المسلمون وظفروا بهم وطردوهم ففروا من مصر ونزل بعضهم في الجبل الأعلى من الديار الحلبية وبعضهم في جهة حوران ثم تفرقوا من هناك فذهب بعضهم إلى جبل الشوف والآخر إلى وادي التيم ولم يزالوا في نمو وازدياد إلى هذا العصر.

للدروز عادات قديمة توارثوها منها أن لهم قضاة منهم يحكمون في المعاملات المدنية الجارية بينهم على مقتضى الشريعة غير أنهم يخالفونها في بعض المعاملات بحكم العادة الموروثة فلا يسوغ لأحدهم مثلاً أن يوصي بجميع ماله لأحد أولاده ويحرم الباقي من ميراثه إن كان هذا المال الموصى به من كسب يده وأما إذا كان متنقلاً غليه بطريق الإرث عن آبائه وأجداده فلا يسوغ له لأنه حينئذ يكون من حقوق الأسرة والأصول والفروع متساويان فيه فللورثة استحقاق في تقسيم هذا المال.

ومنها أن المرأة لا ترث شيئاً من دار أبيها حتى أن هذه العادة سرت إلى مجاوريهم في الجبل من بقية الطوائف. وكذا يخالفون في النكاح والطلاق إذ لهم في ذلك أصول خاصة لا