المصابيح الذهبية وعليه من الحلي وأنواع الجواهر النفيسة ما يقصر عنه الوصف فيتقاطرون إلى زيارته من كل صوب وأوبٍ وحدب في موسم معلوم وقليل منهم من يفوز بالدنو منه على قيد ذراع وعلى الذين ينالون شرف الدخول إلى مقدسه أن يطرحوا أنفسهم إلى الأرض ركعاً سجداً وهم بعيدون عنه مرمى النظر إجلالاً وتكريماً ولا يخصُّ بهذه المنحة السامية إلا الملوك وعظماء الأمم وزعماء القبائل فيرونه عن بعد من طرف خفي دون أن يخاطبوه أو ينبس لهم ببنت شفة.
وهذه الزيارة تكفي عندهم لمغفرة كل ما اجترحوه ويجترحونه من الآثام والكبائر مدى الحيوة ومن العجب أنهم يأخذون من رجيعه ما يذخرونه في أوعية صغيرة ذهبية ثم يعلقونه كالتمائم والتعاويذ في أعناقهم وأعضادهم يستشفون بها من الأمراض ويدفعون بها من كيد الأبالسة ونزعات الشياطين وهم يشترون تلك الذخائر الرجسة بألوف مؤلفة من المال ومن حصل على مثقال منها فقد نال بزعمهم سعادة الدارين وجمع بين الحسنيين وقد يدخلون إلى مطاعمهم ولو بعض نقاط من مفرزه المائي ولكن هيهات أن ينال ذلك منهم إلا كل رفيع القدر نافذ الكلمة واسع العطاء فمن خدمه الحظ وخازمه التوفيق بحيث يتهيأ له أن يجمع بين المفرزتين معاص فهو بين الأقطاب الأعلام أمجد من الإسكندر في عصره أو فرعون في مصره فيا لله مما تنحط إليه مدارك البشر.
وللاما سلطان سياسي فضلاً عن سلطانه الديني ومع أن بلاده تحسب منذ القدم تابعة للإمبراطورية الصينية وتؤديها بعض الجزية فهو يدير حكومة بلاده مستقلاً بواسطة عمال يسمونهم خانات وما من مدافع وله في باكين وغيرها من العواصم في الشرق الأقصى سفراء وإمبراطور الصين ذاته يؤدي له الطاعة والاحترام كعبود ولأعوانه الكثيرين الذين يسمونهم اللاماويين الصغار أنفذ سلطة وأسمى مكانة بين عامة الناس وخاصتهم وهم يجبون الهدايا ويجمعون النذور ومن جميع بلاد المغول وثيبة والهند الغربية وغيرها وغيرها باسم اللاما العظيم ومع كونهم فاسدي الأخلاق قبيحي السيرة منغمسين باللذات البهيمية يحترمهم الناس أعظم احترام ولهم جميعاً من الثروات الطائلة ما أصارهم في المقام الأول بين متمولي تلكم الأصقاع وموسريها.
وعندهم أن اللاما متى أدركه اليوم أو مات بسبب آخر من أسباب الموت تفارق روحه ذلك