للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلم فقد قال أحد شيوخ العلم: يستحيل في نظر العقل أن يدعو الحق إلى الباطل والهدى إلى الإلحاد وأصول الدين الصحيح إلى المروق منه، بل ما أبطل مبطل ولا ألحد ملحد ولا مرق مارق إلا بجهله بالأصول الصحيحة ونبذه التعلم السديد وسلوك جواده القويمة.

ولو كان من شروط الدعوة فقد المناوئين خشية مناهضتهم ومحاربتهم لما قام نبي بدعوة بإرشاد وتعليم لكانت الفكرة الإصلاحية التي قويت وشاعت بالمناهضة ثوت في سرى الرمس قبل أن يلحد القائم بها ولما كنا رأينا كتاباً منزلاً ولا أدباً غضاً ولا علماً صحيحاً وبالجملة ما كانت للأمم مدنية زاهرة ولا عمران زاخر.

ولا وجه لإنكاره على مثل هذا الإمام لأن اتخاذ التأويل قاعة مما لا نكران فيه في كل تأويل جرى اللسان في مثله ووسعته اللغة وهي لثروتها وغزارة مادتها وسعت من المجاز ما يربو على الحقيقة حتى صرح أئمة البيان بأن المجاز أكثر من الحقيقة. حتى صرح أئمة البيان بأن المجاز أكثر من الحقيقة. ولو أعار نظره إلى من سبق ذاك الإمام في مسألة الجن والملك كحجة الإسلام الغزالي والراغب الأصفهاني والقاشاني ونحوهم لما أكبر هذه المسألة وقد أوضح ذلك الأستاذ الشيخ جمال الدين القاسمي في كتابه مذاهب الإعراب وفلاسفة الإسلام في الجن وأفاض في هذه المسألة بما لا يبقى معه ريبة لمرتاب فليرجع إليه من شاء.

وأما ما قام به الإمام من بيان الأسرار وحكمه فذاك فن قديم عني به أئمة الإسلام وفلاسفته كالأئمة الذين تقدم ذكرهم وأضرابهم وهو عندهم من أجل الفنون التي يجب درسها والتوسع فيها. وقد أخذوا على أنفسهم أن يفهموا الأمة أن الدين مؤاخ للعقل مؤازر للحكمة ليس فيه ما يعلو عن العقل أو ينبو عن الفهم وحجتهم في ذلك أن القرآن الكريم هو الذي مهد السبيل للتعليل وصرح بذلك في آيات لا تحصى كما أوضحه الإمام ابن القيم في كتاب التعليل وقد حذا حذوه من المتأخرين حتى برع في هذا العلم_علم الحكمة والأسرار_الإمام ولي الله الدهلوي فألف كتابه المشهور حجة الله البالغة وأفرغ جهده في استنباط الأسرار في العبادات والمعاملات حتى جاء في مجلدين كاملين حافلين.

ولقد سفه المنفلوطي رأي قاسم بك أمين أيضاً وأنحى له لأنه دعا المرأة وقد رآها في أحط دركات الجهل إلى أن تلم بمعرفة ما يلزمها جهاد الحياة وجلادها من تربية وتعليم لتكون