للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول قوله هذا ثم يكتب في مقالة موت العظماء ما نصه: ليست هذه العشرة ملايين (يعني المصريين) التي تراها إلا أطفالاً رضع، وسوائم رتع لولا علماؤها وأذكياؤها الذين يقودونها إلى الخير ويأخذون بيدها في ظلمات الحياة.

فليت شعري إذا كان العلماء والجهلاء في مستوى واحد من العلم والتربية فلماذا ينحي على أمته وأبناء دياره وينزلهم منزلة الحيوانات العجم وفيهم العالم والجاهل. وإذا كان المنفلوطي قد وجد في معاجم اللغة مادتي العلم والجهل من الألفاظ المترادفة فيكون كلامه حينئذ جامعاً لمتناقض الأحكام.

٤ ـ

لغته

لم أر فيما رأيت من الكتب الممتعة التي وعت نتاجها قرائح أهل الأدب في هذا العصر كالريحاني وأمثاله أفصح لغة وأصح تركيباً من كتاب النظرات.

فإنك ترى في فصوله مسحة العربية الأولى وقد خلت في الغالب من ركاكات الكتب الجدد والمبذوء من تراكيبهم وجملهم المتعاظلة التي اعتورتها العامة حقبة من الزمن انسلخت فيه عن العربية الخالصة حتى أصبحت إلى الأعجمي أقرب منها إلى اللسان العربي المبين.

بيد أننا نرى من الواجب أن لا نمسك القلم في نقد ما رأيناه من سقطاته في جمل نزلت منزلة أقوال العامة وألفاظ لغوية كان الأجدر بكاتب أدبي مثل هذا أن يكون مصوناً عنها.

فما نأخذه به استعماله فعل (ازدرى) متعدياً بالباء والعرب لا يعرفونه إلا متعدياً بنفسه في قوله في مقالة النبوغ من العجز أن يزدري المرء بنفسه واستعماله (الوظيفة) بمعنى (المنصب) وقوله: خرج في المنطق عن الحيوانية الناطقية والصواب أن يقال: من الحيوانية الناطقية وقوله جداً عجيب والأولى أن يقال عجيب جداً لأن جداً إذا قدمت أضيفت إلى ما بعدها ونسبته بديهة على بديهي وكان عليه أن يقال (بدهي) كما يقول في بجيلة (بجلي) واستعماله (تلائم) بمعنى التأم في قوله من مقالة الجمال غير متناسبة ولا متلائمة وقوله: ويحبس عليها أنفاسها فإن حبس هنا لا تتعدى إلا بـ عن فإذا تعدت بـ على كانت بمعنى الوقف واستعماله البسيط بمعنى الساذج وقوله ودققت النظر والعرب تقول. دقق الشيء إذا أنعم دقه واستعماله تربى بدل ربي وجمعه لفظة مثل على أمثلة