والمسموع أمثال وقوله في السنة العامة والصواب على السنة العامة واستعماله الأعوج بدل الاعوجاج وتعرج عوضاً عن تعوج واحتجز بمعنى منع وقوله لا تسلم إلا الحياة وهي عامية والأفصح ولا تفادي إلا بالحياة وإدخاله واو الحال على الماضي بعد إلا كما أنها لا تدخل على المضارع المثبت في قوله: فما رايت سطوراً مقطوعة الأواسط إلا متشابهة الأطراف إلا وقرأتها وقوله نهشه في إصبعه والصواب نهش إصبعه واستعماله الأعراض بمعنى العلامات وقوله يودعه الله في فطرة الإنسان والصواب يودعه الله فطرة الخ. . . .
هذا ما رأينا أن ننبه على ما ورد في كتاب النظرات من الألفاظ والجمل مما لا عهد للعرب به كما أن ثمة ألفاظاً أغفلناها ذكرها كاستعماله لفظة (المراسح) بدل (المسارح) و (البالونات) عوضاً عن (المناطيد) و (المكروبات) بدلاً من (الجراثيم) و (الطاولة) بدل (المنضدة).
والعاقل يغتفر له هذه الهنات اليسيرة إذا عرف أن الكاتب بين ظهراني أمة معظم صحافييها وأدبائها وكتابها يرون أن في هذه اللغة التي يكتبون بها الغناء والكفاء عن أن يتحدوا العرب العرباء في مناحي أساليبهم وأقوالهم ولله في خلقه شؤون.
٥ ـ
وصفه
وهب السيد المنفلوطي ملكة خارقة في الوصف تكاد تكون فيه طبعاً وسليقة. وإني لأقرأ له القطعة الأدبية فيخيل إلي أنها من سحرها أن نفحة من قلم هيكو تهب عليَّ فلا أكاد أتم قراءتها حتى أهم بإعادتها المرة بعد الأخرى وأحمد الله على أن وجد في هذا العصر من ينفح هذا الهيكل البالي من الأدب روحاً جديدة ليحيا حياة رغد وهناء.
قال في مقالة الغد: الغد بحر خضم زاخر يعب عبابه وتصطخب أمواجه فما يدريك إن كان يحمل في جوفه الدر والجوهر أو الموت الأحمر.
ولقد غمض الغد عن العقول ودق شخصه عن الأبصار حتى لو أن إنساناً رفع قدمه ليضعها لا يدري أيضعها على عتبة القصر أو على حافة القبر.
الغد صدر مملوء بالأسرار الغرار تحوم حوله البصائر، وتتسقطه العقول، وتستدرجه الأنظار فلا يبوح بسر من أسراره إلا إذا جادت الصخرة بالماء الزلال.