للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمطالعة الكتب لإزالة أنواع لأمراض قال ما خلاصته: لقد اختلج في ضميري أن أنظم دور الكتب على نسق جديد مفيد فبدلاً من أن يكون مكتوباً على الخزائن والدواليب والرفوف هذه الكلمات. لغة. علوم طبيعية. فن التقريظ ونحو ذلك أشير باستبدال هذه الكلمات بأسماء الأمراض التي تنتاب الجسم والروح مما يمكن مداواته بالمؤلفات الموجودة فيها من داء النقطة إلى أخف النزلات فهذا النوع الأخير من الأسقام يصلح له قراءة الكتب الهزلية مع منقوع الشعير في قليل من اللبن الحليب فإذا غشي النفس هم من الهموم التي يمكن إزالتها مثل عدم تحقيق الأماني أو معاكسة الأخوان أو معاندة الزمان ففي هذه الحال يحسن بالمصاب أن يتلو تراجم العيان والأفراد فيتسلى بما أصابهم من البلايا ويزول مرضه بإذن الله. فإذا ما طم الهم وعم الغم فالروايات أنجع دواءٍ لهذا السقم. ولكن إذا حلت بالإنسان مصيبة فادحة وجب عليه أن يستغرق كل عقله ولبه وقلبه في عمل من الأعمال العقلية التي تجعله ينسى نفسه وما حل به من الأرزاءِ.

واستشهد المستنبط لهذا الطب الجديد الغريب بما حل بشاعر الألمان (جيته) فإنه حينما مات ولده تفرغ لدراسة علم جديد وقيل أنه أكمل فصول بعض رواياته البديعة فجاءت في نهاية البلاغة والإعجاز.

فانظروا إلى ما صنعه الإسكندر الأكبر عندما هزم دارا ملك الفرس فإنه ظفر في جملة الغنائم الملوكية بصندوق بديع الصنعة فقال للمقربين إليه: لأي شيءٍ يصلح هذا الصندوق؟ فأجاب كل منهم بما رآه. ولكن سيد الفاتحين لم يعجبه قولهم وقال إنما يليق هذا الصندوق لحفظ إلياذة أوميروس.

وفي أيام الإسلام ظفر الحجاج بن يوسف عامل بني مروان بصندوق عجيب من ذخائر الفرس فأمر بفتحه فوجد صندوقاً آخر ففتحوا فوجدوا صندوقاً آخر ثم رابعاً وخامساً وسادساً وسابعاً فقال الأمير: لعل فيه حماقة من حماقات الفرس. ففتحوا وإذا فيه بطاقة مكتوب عليها هذه العبارة: من مشط لحيته في كل يوم طالت: ونحن لم نخرج عن هذا الموضوع لأن هذه الوصية كانت مكتوبة على قطعة من الحرير وإنني أقلب الطرف يميناً وشمالاً فلا أجد من أوصيه بها ليخبرنا بصحتها بعد العمل بها.

ولا يخفى عليكم أن عرب الشرق هم الذين أحيوا علوم العرب ونشروها وها هم عجم