للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستنبات غلاته وتعدين مناجمه والعلم لاستبحار عمرانه ولا يقل عدد المهاجرين من هذا الوادي عن خمسمائة من أصل نحو عشرين ألف نسمة وكل يوم يزيد نازحهم وقلما يعود أحد منهم. يذهب الشبان الأقوياء ويبقى في الأكثر الأطفال والكهول والشيوخ حتى كادت تسوء الظنون في مستقبل هذه البلاد وهي إذا لم توفق إلى النهوض بنشاط شبانها هيهات أن تعمر بتكاسل شيوخها وكهولها وخمولهم.

قلنا تعدين مناجمها لأن جبالاً من مثل هذه لا تخلو من مناجم فإذا كانت بقعة واحدة هي جيرود وما إليها تحتوي في جملة ما تحتوي من الغلات والثمرات على أربعة أصناف من العناصر التي تقل أو لا توجد في غيرها فما بالك لو بحث في قرى هذا الجبل وحده عما يكنه صدره من الخيرات الطبيعية.

نعم في جوار جيرود على مسافة ساعة منها المملحة التي يصدر منها الملح الجيد للطعام وتكفي ألوف القناطير التي يمكن استخراجها من سورية بأجمعها ولذلك يكتفى باستخراج كمية قليلة منه لأن في جوار تدمر وحماة وصفد مملحات أخرى ينتفع بملحها دع عنك ما في سائر الأقطار العثمانية من هذا الجزء المفيد.

وبالقرب من المملحة معدن الجبس أو الجبصين ينبشونه من الأرض قطعاً مستطيلة بطول شبر أو شبرين وعرض ثلاثة أصابع وثخن إصبعين يستخرج العامل القنطار الشامي منه بسبعة قروش وقد لا يستخرج قنطاراً منه في اليوم الواحد فيأخذه ضامته من إدارة الغابات أو المعادن ويجعله في تنور كبير يحرقه وعندها يستحيل إلى جبس يدخل في الأبنية والتبليط والنوافذ وغير ذلك.

هذان هما المعدنان أما النباتان فهما نبات القلي أو الإشنان يقطعونه ويجعلونه في حفر يوقدون فيها النار فيستحيل إلى قلي. ومن شواطئ المملحة التي لا يقل طولها عن ساعتين وعرضها عن ساعة ينبت السل أو قش الحصر وهذا القش يخرج في بقاع أخرى ولكن أحسن القش ما خرج من جيرود ولذلك ترى كل حصري في دمشق يحرص على أن ينسج حصره من قش جيرود لمتانته وروائه.

فبلاد هذا بعض مغلها الطبيعي خصت بزكاء المنبت وجمال الطبيعة تخرج منها الحبوب على أنواعها والثمار على اختلاف أشكالها ثم يظل أهلها في جهالة على قربهم من دمشق أم