المدن السورية بل عاصمة هذه البلاد العربية وذلك لقلة المواصلات بينهم وبينها ولأن الحكومة لا يهمها إلا أن تأخذ من أهلها حقوقها ولا تقوم بما يجب عليها من حقوق.
ولو كان الهالي في قلمون والمرج والغوطة يفكرون في مستقبل بلادهم حتى التفكير ويحبون أن يبقى أولادهم لهم لا أن يبروهم لينزحوا إلى أميركا ويتشتتوا في البلاد لطلبوا من الحكومة امتياز سكة حديدية ضيقة كالمعروفة في مصر بالسكك الحديدية الزراعية وبذلك تصدر الصادرات على أيسر وجه وتتساوى في الأبعاد القرى القاصية والدانية.
بالسكك الزراعية أحيي موات مصر وقربت مسافاتها والتحمت أجزاؤها وإذا كان يتعذر الآن ربط دمشق ببغداد بسكة حديدية تجتاز الغوطة والمرج وقلمون والقريتين وتدمر إلى العراق لاختلاف المصالح السياسية فلا اقل من أن يقوم أغنياء دمشق وهذه الأقاليم ينشئون سكة ضيقة تصل بين هذه القصبات بوصلة العمران ففي الغوطة من أمهات القرى مثل دومة وعربيل وجوبر وسقبا وفي المرج مصل ضمير وعتيبة وعذراء وفي قلمون مثل يبرود ودير عطية وقارة والنبك وجيرود والرحيبة والقطيفة وغيرها ما يجدر بأرباب الأموال أن يتدبروه ويضموا أشتات هذه الأجزاء المتفرقة التي لا تجد بينها طريقاً معبداً ولا بريداً ولا سلكاً برقياً ولا طبيباً ولا صيدلياً ولا كاتباً ولا حاسباً بل تجد فيها الناس يعيشون بعيدين عن محيطهم لا يعرفون عنه أكثر مما يعرف ابن السودان عن سكان مراكش في حين ترى المسافات قريبة وأبعد قرية عن الفيحاء لا تبعد مائة كيلومتر أو يوماً وبعض يوم على ظهور المطايا.
مثال ذلك أننا قصدنا إلى هذا الجبل يوم وقفة عيد الصغير فكان الفلاحون يسألوننا كلما وقفنا لنريح مركباتنا فيما إذا كان ذاك اليوم من رمضان أو أنه رؤي هلال العيد وثبت في دمشق أما من كنا نسألهم عن فتنة جبل الدروز فكانوا لا يعرفون من أمرها إلا أن الحكومة جيشت جيشاً عليهم ولا يعرفون ما تبع ذلك من تأديب الدروز على حين هم أحق الناس بالفرح بهزيمة الأشقياء لانتشار ظل الأمن في تلك الربوع ولأنهم طالما تأذوا بهم ونهبت مواشيهم وقتل رعاتهم وزراعهم.
ولا سبيل إلى عمران هذه البلاد إلا بالأمن والعم فمن جملة أسباب الأمن مد الخطوط الحديدية الزراعية التي تقل نفقاتها وتكثر فوائدها المادية والمعنوية فتتضاعف أثمان