في الأصل والمؤدي إليها بالفعل_ما خلا الشاذ_إنما هو شهوات الملوك ولبانات أولي الحكومات ونزوات أرباب السلطات والزعامات الذين من دأبهم_ولاسيما في تلك العصور المظلمات_التذرع بأي وسيلة كانت_حتى التغاير الديني أو المذهبي_لإثارة الفتن وإصلاء الحروب إرادة أن يتهيأ لهم من جرائها تمتين السلطة والتوسع في البسطة والاستفحال في الملك لدواعي أطماعهم اللانهائية وإشباعاً لنهمات أميالهم النفسانية.
فالمرء لا تنقضي آرابه أبداً ... إذا انقضى أرب يصبو إلى أرب
ومن ذا الذي يتجرأ أن يقول ما ينشأ عن سوء استعمال الدين إنما هو الدين؟؟؟
لا جرم أن للحروب والفتن أسباباً جمة قد يكون سوء استعمال الدين أو التذرع بالدين إحداها وقد لا يكون وما أرباب السيادة من خدمة الدين وغيرهم إلا بشر مثلنا قد يسيئون في أمورهم المعاشية وسياستهم الإدارية وقد يحسنون: فما بالنا نلصق بالدين_الذي هو من الله_ما ينجم به وعلى حسابه من مساوئ الناس؟ أفلا تفقهون!!
أجل: إن مطامع أصحاب العروش وتخالف العناصر وتباين الأجناس وطموح المم التي توفرت لها القوى إلى التغلب على المستضعفين ونزوعها إلى التكاثر والاستزادة سواء كان عن طريق الفتوح أو الاستعمار أو الدين هي هي لعمر الحق_في كل آن وزمان_مصدر الفتن ومبعث الإحن وعلة العدوان ومنشأ الحروب التي ما برحت مرافقة حيوة بني الإنسان منذ أصبحوا دولاً وأمماً وجماعات حتى الآن وهي لا تبرح ولن تبرح ملازمة لهم_ولكن على تباين بالكم والكيف_عملاً بناموس تنازع البقاء إلى منتهى الدوران. ومن ماراني في ذلك أتيته من أقوال قهارمة التاريخ وأقطاب العمران وفلاسفة طبائع البشر بما شاء من دليل وحجة وبرهان.
لنسلم جدلاً_ولو بالباطل_أن في عصور التعصب والغباوة والجهل كانت الديانات جرثومة العداوات وأرومة الحروب والثورات ولولاها كان الناس في نعيم مقيم وأمن مكين!! لا بأس عليهم ولا هم يحزنون!!!
ثم تعالوا بنا إلى هذا العصر الحديث عصر التساهل والكياسة والعلم عصر الحضارة والتمدن والنور وعصر الحرية والمساواة والإخاء ولنقف متسائلين هل خلت أممه الأعرق حضارة والأعلى في مدنية كعباً من فتن تثار وحروب تصلى وأطماع تسود وأشرار