بالرزانة، والتوقر من غير كبر يوصف منك، ولا خيلاء تحكي عنك، والق صديقك وعدوك بوجه الرضى، وكف الأذى، من غير ذلة لهم، ولا هيبة منهم، وكن في جميع أمورك في أوسطها، فإن خير الأمور أواسطها، وقلل الكلام، وافش السلام، وامش متمكناً قاصداً ولا تخبط برجلك، ولا تسحب ذيلك ولا تلو عنقك ولا رداءك، ولا تنظر في عطفك، ولا تكثر الالتفات، ولا تقف على الجماعات. ولا تتخذ السوق مجلساً ولا الحوانيت متحدثاً. ولا تكثر المراء. ولا تنازع السفهاء. فإن تكلمت اختصر. وإن مزحت فاقتصر. وإذا جلست فتربع. وتحفظ من تشبيك أصابعك وتفقيعها. والعبث بلحيتك وخاتمك. وذؤابة سيفك. وتخليل أسنانك. وإدخال يدك في أنفك. وكثرة طرد الذباب عنك. وكثرة التثاؤب والتمطي. وأشباه ذلك مما يستخفه الناس منك. ويغتمزون به فيك. وليكن مجلسك هادياً. وحديثك مقسوماً. واصغ إلى الكلام الحسن ممن حدثك بغير إظهار عجب منك. ولا مسالة إعادة. وأغض عن الفكاهات. من المضاحك والحكايات. ولا تحدث عن إعجابك بولدك ولا جاريتك. ولا عن فرسك ولا عن سيفك.
وإياك وأحاديث الرؤيا فإنك إن أظهرت عجباً بشيءٍ منها طمع فيها السفهاء فولدوا لك الأحلام واغتمزوا في عقلك ولا تصنع تصنع المرأة. ولا تبذل تبذل العبد. ولا تلهب لحيتك ولا تبطنها، توقى كثرة الحلف، ونتف الشيب، وكثرة الكحل، والإسراف في الدهن وليكن كحلك غياً، ولا تلح في الحاجات، ولا تخشع في الطلبات، ولا تعلم أهلك وولدك فضلاً عن غيرهم عدد مالك، فإنه إن رأوه قليلاً هنت عليهم، وإن كان كثيراً لم تبلغ به رضاهم، وأخفهم في غير عنف، ولن لهم في غير ضعف، ولا تهازل أمتك، وإذا خاصمت فتوقر، وتحفظ من جهلك، وتجنيب من عجلتك، وتفكر في حجتك، وأري الحاكم شيئاً من حلمكن ولا تكثر الإشارة بيدك، ولا تجفل على ركبتيك، وتوق حمرة الوجه وعرق الجبين، وغن سفه عليك فاحلم، وإذا هدأ غضبك فتكلم، وأكرم عرضك، وألق الفضول عنك، وإن قربك سلطان، فكن منه على حد السنان، وإن استرسل إليك، فلا تامن انقلابه عليك، وأرفق به رفقك بالصبي، وكلمه بما تشتهي، ولا يحملنك ما ترى من ألطافه إياك، وخاصته بك، إن تدخل بينه وبين أحد من ولده وأهله وحشمه، وإن كان لذلك منك مستمعاً، وللقول منك مطيعاً، فإن سقطة الداخل بين الملك وأهله صرعه لا تنهض، وزلة لا تقال، وإذا وعدت