والقتل سياطاً يسيرة إلا أنه لم يمت وعالجوه وبرأ إلا أن مواضعاً في صلبه يوجعه وجعاً ليس عليه صبر قال: فضحك فقلت: مالك قال: الذي عالجه كان حائكاً. قلت: أيش الخبر. قال: ترك في صلبه قطعة لحم ميت لم يقلعها قلت: فما الحيلة قال: يبط صلبه وتؤخذ تلك القطعة ويرمى بها وإن تركت بلغت إلى فؤاده فقتلته. قال: فخرجت من الحبس فدخلت على أحمد بن حنبل فوجدته على حالته فقصصت عليه القصة. قال: ومن يبطه. قلت: أنا. قال: أو تفعل قلت: نعم قال: فقام فدخل البيت ثم خرج وبيده مخدتان وعلى كتفه فوطة فوضع أحدهما لي والأخرى له ثم قعد عليها وقال استخر الله فكشف الفوطة عن صلبه وقلت ارني موضع الوجع فقال: ضع إصبعك عليه فإني أخبرك به فوضعت إصبعي وقلت: ها هنا موضع الوجع. قال: ههنا أسأل الله العافية قال: ههنا قال: هاهنا أحمد الله على العافية فقلت: هاهنا قال: هاهنا أسأل الله العافية قال: فعلمت أنه موضع الوجع قال: فوضعت المبضع عليه فلما أحس بحرارة المبضع وضع يده على رأسه وجعل يقول: اللهم اغفر للمعتصم حتى بططته فأخذت القطعة الميتة ورميت بها وشددت العصابة عليه وهو لا يزال على قوله اللهم اغفر للمعتصم. قال: ثم هدأ وسكن ثم قال: كأني كنت معلقاً فأصدرت قلت: يا أبا عبد الله إن الناس امتحنوا محنة دعوا على من ظلمهم ورأيتك تدعو للمعتصم قال: إني فكرت فيما تقول وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكرهت أن آتي يوم القيامة وبيني وبين أحد من قرابته خصومة هو مني في حل اهـ.
ومن أجمل الفصول التي استشهد بها المؤلف وصية الخطاب بن لمعلى المخزومي ابنه قال: أخبرتني محمد بن المنذر بن سعيد حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي حدثني عبد الرحمن بن أبي عطية الحمصي عن الخطاب بن المعلى المخزومي القرشي أنه وعظ ابنه فقال: يا بني عليك بتقوى الله وطاعته، وتجنب محارمه بإتباع سنته ومعالمه، حتى تصح عيوبك، وتقر عينك، فإنها لا تخفى على الله خافية، وإني قد سمعت لك وسماً، ووضعت لك رسماً، إن أنت حفظته ووعيته وهملت به ملأت عيون الناس، وإنقاد لك به الصعلوك، ولم تزل مرتجيا مشرفاً يحتاج إليك، ويرغب إلى ما في يديك، فأطلع أباك، واقتصر على وصية أبيك، وف رغ لذلك ذهنك، واشغل به قلبك ولبك، وإياك وهذر الكلام، وكثر الضحك والمزاح، ومهازلة الإخوان فإن ذلك يذهب البهاء، ويوقع الشحناء، وعليك