وأعظم هذه المعاهد وأقدمها وأشهرها هي كلياتها وعددها اثنتان وعشرون كلية وكانت كل إمارة من الإمارات الألمانية فيما مضى تحاول أن تكون لها كلية فأقدمها كلية هايدلبرغ أنشئت سنة ١٣٨٦ وأحدثها كلية بون أسست سنة ١٨١٨. وقدم الكلية عنوان شرف لها وقد بقيت كلية هايدلبرغ أكثر الكليات محافظة عَلَى منزلتها السامية أما كلية برلين التي أنشئت سنة ١٨٠٩ فطلابها أكثر. ومن أشهر كليات ألمانيا كلية ليبسك أنشئت سنة ١٤٠٩ وهي تفاخر بأنه كان من جملة أساتذتها الفيلسوف لايبنتز ومن جملة طلابها كيتي وريتشارد فانير.
ولئن كانت الكليات في ألمانيا مستقلة حرة عَلَى صورة لم تحصل عليها كليات فرنسا فهي منظمة بنظام واحد فالكليات مهما كانت وجهتها في تعليمها نظرية أو عملية لا تتنافس في إعداد المهندسين وصناع والمباحث التي يستفيد منها أمثالهم لا يظفرون بها إلا في المجامع الكيماوية والطبيعية في المدارس الصناعية هي التي يتخرج فيها أرباب الهندسة والصناعات وهذه المدارس تابعة لكل إمارة وهي في بلادها تدير شؤونها وتعطي الدارسين فيها شهاداتهم بعد دراسة أربع سنين وعددها اثنتا عشرة مدرسة وهي في مدن إكس لاشبل برلين برنسويك كارلسروح درامستاد درسد هانوفر مونيخ ستوتكار دانزيكبرسلو فريبورغ في هذه المدارس زهاء اثني عشر ألف طالب فيخرج منهم كل سنة ثلاثة آلاف مهندس عدا من يتخرجون من المدارس الثانوية الصناعية.
وقد كانت الكليات هي التي تمنح لقب دكتور أشرف الألقاب وأعلاها في ألمانيا وبعد جدال طويل في مجلس النواب تقرر أن من حق تلك المدارس الصناعية أن تمنح هذا اللقب وبذلك خرجت ألمانيا عن تقاليدها القديمة بعض الشيء ولا تسل كيف ينظر أولئك الفلاسفة واللاهوتيون واللغويون أخلاف الفلاسفة هيكل وكانت وليسنغ لمن نالوا شهاداتهم عَلَى طريقة أميركا الشمالية لأنهم أتقنوا صناعة من الصناعات. والألمان أحرص الأمم عَلَى لقب دكتور حتى أنك إذا لم تطلق هذا اللقب الشريف عَلَى من ناله عد ذلك منك سخرية وفي ذلك دليل كبير لميل هذا الشعب للعلم والتلقب بألقابه وقد كان للإمبراطور غليوم الثاني يد طولى في إعطاء المدارس الصناعية حق إعطاء هذا اللقب الشريف حتى قال في خطاب له ألقاه عَلَى تلامذة المدرسة الصناعية قرب برلين: إنني أغتبط لأنني استطعت أن