كل سنة ستة آلاف دينار وأبوك من شيوخ الجولة وهو معظم مكرم فقال: أريد أن تصار إلى أبوابنا الكتائب والمواكب والمقانب ولا أرضى أن يجرى علينا كالولدان والنسوان فأعدت ذلك عَلَى أبيه فقال: ما أخوفني أن يخصب أبو القاسم هذه من هذه وقبض عَلَى لحيته وهامته وعلم أبو القاسم بذلك فصارت بيني وبينه وقفة.
وأنفذ إلي القائد أبو عبد الله الحسين بن جوهر فشرفني بشريف خدمته فرأيت الحاكم كلما قتل رئيساً أنفذ رأسه إليه وقال: هذا عدوي وعدوك يا حسين فقلت من ير يوماً ير به والدهر لا يغتر به وعلمت أنه كذا يفعل به فاستأذنته في الحج فأذن فخرجت في سنة سبع وتسعين وحججت خمسة أعوام وعدت إلى مصر وقد قتله فجاءني أولاده سراً يرمون إلى الرجوع إليهم فقلت لهم خير مالي ولكم الهرب ولأبيكم ببغداد خمسمائة ألف دينار فاهربوا وأهرب ففعلوا وفعلت وبلغني قتلهم بدمشق وأنا بطرابلس فدخلت إلى إنطاكية وخرجت منها إلى ملطية وبها المسايسطكرية خولة بنت سعد الدولة فأقمت عندها إلى أن ورد علي كتاب أبي القسم فسرت إلى ميافارقين فكان يسر حسواً في ارتغاءٍ قال لي يوماً من الأيام: ما رأيتك قلت: أَعرضت حاجة؟ قال: لا أردت أن ألعنك قلت فالعني غائباً قال: لا في وجهك أشفى قلت: ولم قال: لمخالفتك إياي فيما تعلم. وقلت له ونحن عَلَى أنس بيني وبينه لي حرمات ثلاث البلدية وتربية أبيه لي وتربيتي وتربيتي لإخوتي قال هذا حرم مهتكة البلدية نسب بين الجدران وتربية أبي لك منة لنا عليك وتربيتي لإخوتي بالخلع والدنانير أردت أن أقول له: استرحت من حيث تعب الكرام فخشيت جنون جنونه لأنه كان جنونه مجنوناً وأصح منه مجنون وأجن منه لا يكون وقد أنشد:
جنونك مجنون ولست بواحد ... طبيباً يداوي من جنون جنون
بل جن جنانه ورقص شيطانه:
به جنت مجنونة غير أنها ... إذا حصلت منه ألب وأعقل
وقال لي ليلة أريد أن أجمع أوصاف الشمعة السبعة في بيت واحد وليس يسنح لي ما أرضاه فقلت أنا أفعل من هذه الساعة قال أنت جذيلها المحك وعذيقها المرجب فأخذت القلم من دواته وكتبت بحضرته:
لقد أشبهتني شمعة في صبابتي ... وفي هول ما ألقى وما أتوقع