نحول وحرق في فناء ووحدة ... وتسهيد عين واصفرار وأدمع
فقال كنت عملت هذا قبل هذا الوقت فقلت تمنعني سرعة الخاطر وتعطيني علم الغيب وقلت: أنت ذاكر قول أبيك لي ولك ولبتي الشاعر ولمحسن الدمشقي ونحن في الطارمه اعملوا قطعةً قطعة فمن جود جعلت جائزته كتبها فيها فقلت:
بلغ السماء سمو به ... ت شيد في أعلى مكان
بيت علا حتى تو ... ر في ذراه الفرقدان
فأنعم به لا زلت من ... ريب الحوادث في أمان
فاستجاد سرعتها وكتبها في الطارقة وخلع عَلَى وكان أبو القسم ملولا والملول ربما مل الملال وكان لا يمل أن يمل ويحقد حقد من لا تلين كبد ولا تنحل عقده وقال لي بعض الرؤساء معاتباً: أنت حقود ولم يكن حقوداً فقلت له أنت لا تعرف والله ما كان يحنى عوده ولا يرجى عوده وله رأي يزين له العقوق ويمقت إليه رعاية الحقوق بعيد من الطبع الذي هو للصد صدود وللتآلف ألوف ودود. كأنه من كبره قد ركب الفلك واستوى عَلَى ذات الحبك ولست ممن يرغب في راغب عن وصلته أو ينزع إلى نازع عن خلته فلما رأيته سارواً جارياً في قلة إنصافي عَلَى غلوائه محوت ذكره عن صفحة فؤادي واعتددت وده فيما سال به الوادي.
ففي الناس إن رثت حبالك واصل ... وفي الأرض عن دار القلى متحول
وأنشدت الرجل أبياتاً اعتذر بها في قطعي له:
فلو كان منه الخير إذ كان شره ... عتيداً لقنا إن خيراً مع الشر
ولو كان إذ لا خير ولا شر عنده ... صبرنا وقلنا لا يريش ولا يبري
سبو لكنه شر ولا خير عنده ... وليس عَلَى شر إذا دام من صبر
وبغضي له شهد الله حياً وميتاً أوجبه أخذه محاريب الكعبة الذهب والفضة وضربها دنانير ودراهم وسماها الكعيبة وأنهب العرب الرملة وخرب بغداد وكم دم سفك وحريم انتهك وحرة أرمل وصبي أيتم وأنا معتذر إلى الشيخ الجليل من تقريظه مع تقريظي فيه لأنه قد شاع فضله في جميع البشر وصار غرة عَلَى جبهة الشمس والقمر خلد ذلك فيه بدائع الأخبار وكتب بسواد الليل عَلَى بياض النهار وأنا في مكاتبة حضرته بمنظوم ومنثور كمن