كثيرة لو وجدت ثقة أعطيته إياها ليعود علي بما أرفه به جسمي من الحركة وقلبي من الشغل وأنا أجد من أدفعها إليه وبقي أن يردها إلي.
دفع رجل إلى صديق له جارية أودعها عنده وذهب في سفره فقال بعد أيام لمن أنس به وتسكن نفسه إليه: يا أخي ذهبت أمانات الناس أودعني صديق لي جارية في حسابه أنها بكر جربتها فإذا هي ثيب. ومن ظريف الأخبار أن ابنة أختي سرقت لي ثلاثة وثمانين ديناراً فلما هددها السلطان أطال الله بقاءه ومد مدته وأدام سموه ورفعته وأخرجت إليه بعضها قالت: والله لو علمت أن الأمر يجري كذا كنت قتلته فأعجبوا من هريستي وزبوني والله لولا ضعفي وعجزي عن السفر لخرجت إليه متشرفاً بمجالسته ومحاضرته فأما مذكراته فقد يئست منها لما قد استولى علي النسيان واحتوى عَلَى قلبي من الهموم والأحزان وإلى الله الشكوى لا منه وليس يحسن أن أشكو من يرحمني إلى من لا يرحمني وليس بحكيم من شكا رحيماً إلى غير رحيم وكان أبو بكر الشبلي يقول: ليس غير الله ولا عند غير الله خير. وقال يوماً: يا جواد ثم أمسك مفكراً ورفع رأسه ثم قال: ما أوقحني أقول لك يا جواد وقد قيل في بعض عبيدك:
لو لم يكن في كفه غير نفسه ... لجاد بها فليتق الله سائله
وقد قيل في آخر:
تراه إذا جئته متهللاً ... كأنك معطيه الذي أنت سائله
ثم قال: بلى أقول يا جواد فاق كل جواد وبجوده جاد من جاد. ودخل ابن السماك على الرشيد فقال له عظني وفي يد الرشيد كوز ماء فقال: مهلاً يا أمير المؤمنين أرأيت أن أقدر الله عليك مقدراً فقال لن أمكنك من شربة إلا بنصف ملكك أكنت فاعلاً ذلك قال: نعم قال: اشرب هنأك الله فلما شرب قال: أرأيت يا أمير المؤمنين أن لو أسفت نفس هذا المقدر عليك فقال: لن أمكنك من إخراج هذا الكوز إلا بأن أستبد بملكك دونك أكنت فاعلاً ذلك قال: نعم قال: فاتق الله في ملكك لا يساوي الإبولة وكيف أشكو من قاتني وعالني نيفاً وسبعين سنة كان قميصي ذراعين فوكل بي والدين حدبين مشفقين يتناهيان في دقته ورقته وطيبه فلما صار اثني عشر ذراعاً تولاه هو وطعامي فما أجاعني قط ولا أعراني والذي هو يطعمني ويسقين خاطب ربه بالأدب فقال فإذا مرضت فهو يشفين فنسب المرض إلى