عنصر واحد لاتفاق أزيائهم وأخلاقهم ومهما كان النقابة دقيق الفكر بعيد النزر لا يتمكن من النقد الصحيح والتمييز المصيب فلنحسبهم الآن قوماً واحداً وندرس أحوالهم الاجتماعية.
يجد القائلون بأن سكان أميركا الصليين من المغوليين الذين هبطوا أميركا عن طريق خليج بهرنغ وصخور الأووسيك من الوثائق ما يقوي حجتهم وبرهانهم. لا جرم أن جولف استرايت الذي وصل إلى سواحل ألاسكا بعد اجتيازه جزر اليابان هو الذي نفخ في الساحلين من شرقي آسيا روح الجرأة والإقدام على ارتياد هذه البلاد حتى أصبح أمر إحدى السفن الشراعية اليابانية التي جرفها التيار الحار سنة ١٨٣٣ ميلادية ودفعها إلى ساحل ألاسكا مشهوراً لأن البرابرة وفي الأصل اليام يام جعلوا منها مائدة كانت عيداً لأولهم وآخرهم.
أما الآن فقد وضع الحق وظهر ما كان باطناً من أن ألاسكا كانت مأهولة بالسكان في أزمنة ما قبل التاريخ كسائر أخوانها من البلاد الأفريقية ويثبت هذه الحجة ما تراه الآن في عادات الأسكاويين وأخلاقهم وطبائعهم ولغتهم فإن كل هذه لم تكن عليها مسحة تدل على أنها آسيوية.
ونحن نتوخى في عجالتنا هذه البحث عن حالتهم الأصلية قبل أن يمازجها ما اكتسبوه من الاحتكاك بالأوربيين فنقول أن هؤلاء قد اجتازوا دور التكامل البدائي للبشر وتباعدوا ما أمكن عن الهمجية حتى صاروا أقرب إلى البداوة منهم إلى التوحش قبل أن تطأها أقدام المكتشفين الروس.
وترى لهم في البلاد الساحلية الآن البيوت الواسعة القوراء وبعض المصايف والقصور التي أقيمت على منوال الأوربيين وبالإجمال فهم أرقى علماً وأوسع مدارك من شعوب البوروج الذين ما زالوا يلبسون جلود البهائم.
والغريب في أمر هاته البيوت الفطرية أنها على اتساعها وقد يختلف طولها بين المائتي متر وعرضها بين الخمسة عشر والعشرين متراص تكفي لإيواء عائلات كثيرة معاً ومع هذا لا ترى فيها نافذة خلا بعض الثقوب في سقوفها لانبعاث الدخان المتصاعد من المواقد واجتذاب نور الشمس إلى الداخل ولم يكن فيها ما يصلح في الخارج سوى بعض الأبواب كما أن سطوحها لم تكن مائلة من طرفيها كما هو الحال في غير بنايات بل لها ميل قليل