يكفي لتسليط مياه المطر على الخارج وتنفع هذه السطوح خطباء القوم فيرتقونها ويتخذونها منبراً عند الحاجة.
وتنبنى هذه اليبيوت من عيدان الحطب التي لم تصقل ويقتطعونها بمقاطع خشبية لأن الحديد الذي فيه البأس الشديد والمنافع الجمة للناس لم يعرفوا به بعد.
ويعتاضون عن الحديد بقرون نوع من الحيوان يسمى عندهم وايثي أو بقواطع من شجر البابل وفي الشتاء حيث يهجم الثلج بخيله ورجله يضيفون إلى البنايات الداخلية طبقة من رفيع القصب وبمثل ذلك أيضاً يفرقون البيت أيضاً عن أخيه فيكون دساً بين العائلات التي تأوي إليه.
أما أثاث هذا البيت البدائي فهو موافق له كل الموافقة فلا تجد فيه من الرياش ما يضيق معه الرحب بل هو في منتهى البساطة وهناك مقاعد خشبية تحت الفراش أو هي أسرة النوم على طول جدار البيت والفراش هو من السل قش الحصر وقد زيد في نشجه عند موضع الرأس حتى أشبه بالوسادة كما أن غطاءهم أو لحافهم من جلود الغزلان المدبوغة أو نوع من الكلاب المجعدة الشعر وقد أوشك نسلها بالانقراض بينهم.
لهؤلاء البائسين الذين يطلق عليهم اسم همج بعض صناعات لو أنصف المطلعون عليها لقالوا بكبر عقولهم ورقة شعورهم وقد ترى بعض الصناديق من صنعهم على حين لا يعرفون المسمار ولا رأوا آلات النجارة. والحدادة غاية في الضبط وآية في الدقة وطول هذه الصناديق متر وعرضها ستون أو سبعون سنتيمتراً وعمقها سبعون أو ثمانون سنتيمتراً.
وصف أحد المراسلين صناعتهم هذه بقوله أنهم يأتون بخشبة من شجر الأرز ويشقونها على أربعة وجوه ثم يصقلونها ما أمكن ويلفونها جيداً فيتكون منها زوايا الصندوق الثلاث ثم يخيطون طرفا الخشبة الداخليين بخيطان قوية من جلود الوعل يدخلونها بالمسلة الإبرة المصنوعة من قرون نوع آخر من الوعل فتحصل معهم الزاوية الرابعة أما أسفله فإنهم يجعلونه من قطعة واحدة من الخشب وله حافة تتصل أطرافها بالزوايا الأربع فيخاط كذلك بدقة غريبة حتى أنك لا تجد فيه عوجاً ولا أمتاً. ويكون غطاء الصندوق من قطعة واحدة أيضاً يمدونها على شقوق الزوايا المتناظرة فيتم الصندوق الذي يعد من بدائع الإبداع. وبعد