للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وآلات الصيد وكل ما يقع عليه نظرهم في هذا الكائن الهائل من جماد ونبات وحيوان له ملك موكل به ولذلك تراهم أبداً مشتغلين بالمراسم والعبادات ليرضوا هذه الآلهة الكثيرة وينعموا بالاً في هذه الحياة الدنيا.

مثال ذلك أن أفراد الشعوب التي تقتات من الصيد لا يتيسر لها أكل لحم الوعل الذي يصيدونه بهناء بل أنهم يحتفظون بالدماء والأمعاء لئلا تقع تحت يد وحش ضار فيأكلها وذلك لاعتقادهم أن الملك الموكل بذلك يطلع بقية الوعول على جلية الأمر ويريهم النقص الذي حصل من الصائدين في سبيل احترام رفيقهم فلا يعودون يجودون بأنفسهم ليصطادوا بل يلجئون إلى الجبال التي تناطح السحاب ويشكل على الملقين في العناية بهم أمر الصيد.

ثم أنهم عندما يأتون بصيد الوعل إلى بيوتهم لا يجوزون به الأبواب التي وطئتها أقدام النساء وفي عرفهم أن ظباء النساء وظباء الوعل أعداء متشاكسون.

وعندما يزمع أحدهم صيد الدب الأبيض يطلب إلى روح ذلك الحيوان أن تتمثل أمامه كحيوان مستسلم ولا تمسه بسوءٍ فإن ساعده ووفق إلى صيده يدهن وجهه على وجه الإنسان بألوان مختلفة علامة شكره على نجاحه ويبدأ بتلاوة قصيدة رثاءٍ يمدح فيها خلال الفقيد العزيز وسجاياه الغرّ (!).

ومن غريب عاداتهم في مباشرة طعام لحم الدب أنهم يبدؤون برأسه على أن يكون وجوه حاضري الوليمة مصبوغاً بالألوان وأن يعلق على رأس الدب في أعلى غصن من شجرة باسقة بحيث يراه أبناء جلدته عزيز الجانب رفيع الجناب في الحياة وبعد الممات. يقولون وبعد هذا لا يأنف الحيوان مقابلة الصيادين والتعرض لأسنة حرابهم وأخشابهم. ولا يقتصر هذا الاحترام على نوع الدب فقط بل يكاد يكون عاماً في جميع الحيوانات. وعندما يتجاذب الأهلون حديث الصيد ويخصون بالذكر الحيوان الذي يبغون قتله أو صيده بالفخاخ يمازج حديثهم أخشنة والأدب فيخفتون من أصواتهم لئلا يقرع مسامع الأرواح الموكلة بتلك الحيوانات كما أنه يكون منسجماً متناسقاً كقولهم: رفاقنا. لعل أولياء نعمتنا يتكرمون علينا برؤية أحدهم فيكون نصيباً منهم وعلاً أو غزالاً أو دباً إلى غير ذلك.

ولو اكتفوا بهذه التعاليم والتقاليد فقط لكان لهم فيه بعض العذر ولكنهم شملوا به الفاكهة أيضاً فحالما يبادرون بجنسي الثمار يكون لديهم راهب أو ساحر يتلو عليهم جهاراً دعاءً