يليق بالمقام ويرضى به الملائكة الموكلة لتتم البركة ويحصل الخير. وبينا الراهب يتلو الأدعية والإذكار يقف زعماء الشعب وفي أيديهم العصي يراقبون أعمال الشبان حتى إذا ما رأوا أحداً فتح عينيه قبل ختام الدعاء أوسعوه ضرباً ولكماً.
على أن كل ما ذكر لا يعادل الحفلات التي يقيمونها عند حلول موسم صيد نوع من السمك فعندما تقع سمكة في يد الصياد في أول الموسم يرفعها على ساعدين لأنه محظور عليه أن تمسها يده فيأتي بكل وقار إلى رئيس الرهبان الذي يتقبلها منه بقبول حسن ويرفعها إلى مكان خص بها وهيئ لها من غصون الصنوبر.
ثم يقترح على شيخ جليل من الحضور تكون له الوجاهة والرجاحة في قومه أن يصف حول السمكة العصي التي تشير كل منها إلى أسرة من البيوت الكريمة بحسب درجاتها ثم يتناول الرئيس الراهب العصي واحدة بعد واحدة ويمس بها مسيح السمكة الأمامي الذي يعتدونه بيدها اليمنى ويخاطبها بقوله: لي الشرف أن أقدم لكريم مقامك الأسرة الفلانية التي حضرت إلى رحابك الواسع وأطلب إليك أن تسمحي لها بأن تكون موطئ قدمك إلى غير ذلك من ضروب الإطراء وصنوف المديح. وبعد إتمام هذه المراسم يضع السمكة في قدر جديد ويسلقونها على النار بين النشيد والترتيل ثم توزع بين زعماء القوم وتليها الأسماك التي تشرفت بالعيد بعدها وتطبخ هذه أيضاً ثم تعطى إلى من لم يكن حرم عليه أكل السمك شرعاً.
لرؤساء الدين عند هذه الطوائف شأن كبير لأنهم يعتقدون فيهم أنهم وسطاء بينهم وبين الملائكة أو الرواح الموكلة وتنتقل الرهبنة من الآباء إلى الأبناء وتتعاطى هؤلاء الرهبان بعض مواد تخدر الجسم في حين يعنون كل العناية بالاعتكاف والانقطاع عن الناس فيكون فيهم من وراء ذلك شيءٌ من الجمود والسكينة.
ومما يدعو إلى الانتباه الأنصاب القائمة في مداخل البلدان وقبالة البيوت وقد زعم المكتشفون من الروس أنها تماثيل تعبد والحقيقة أن هذه شارات خاصة لكل أسرة منها شارة فمنها ما يكون كالطير ومنها ما يكون كالسمك وأشباههما من الحيوان على أن هذه تخدم في تفريق البيوت بعضها عن بعض لأنها كلها مبنية على نسق واحد لا يمكن التمييز بينها إلا بمييزات خاصة وهذه التماثيل تفي بالغرض المطلوب. ولهم نوع من السحرة