ونفت الرجال فأصبحت بولونيا ولاية روسية وقام البولونيون سنة ١٨٦٣ ثانية وحملهم على الانتفاض وما رأوه من اشتغال روسيا في حرب الشرق فألف البولونيون منهم عسكراً لا يبقي ولا يذر بالنظر لقلة عدده تمكنت روسيا من قمع جماح الفتنة بعد سنة من نشوبها وما فتئ منذ ذاك العهد حال بولونيا في الولايات الروسية آيلا إلى نزع لغتها وإبدالها باللغة الروسية وتدريب أهلها على المناحي الروسية وكذلك حال ولايات بروسيا آخذة بالصبغة الألمانية الجرمانية.
هذا إجمال من تاريخ انقسام مملكة بولونيا أما حالتها الأدبية والعمرانية فإن لغتها من فروع اللغات السلافية الغربية وقريبة جداً من اللغة الكاسوبية واللغة البولابية.
وفي بولونيا عدة لهجات وقد نشأ من كلية كراكوفيا التي أنشأها كازمير الأكبر عدة رجال في الفلسفة والعلم منهم كوبرنيك الفلكي ونجحت اللغة البولونية على عهد ملوكها من أسرة جاجلون وذلك بفضل دعاة المذهب البرتستانتي الذين اختاروا نشر تعاليمهم بلغة الشعب وعلى يوحنا كوشانوفسكي سلم ذوق اللغة وتألفت على القواعد العلمية المألوفة لليونان والرومان ودام ذلك إلى القرن السابع عشر والقرن الثامن عشر وهما قرنا الانحطاط لأن القوم شكغلوا بالفتن الداخلية فلم يعد أحد ينظر في الأدب وداهمت اللغة مفردات من اللغات الأجنبية.
وقد نشأ للآداب البولونية شعراء وكتاب كبار ومؤلفون ووعاظ وأثريون ومؤرخون وجغرافيون وقصصيون ودخل الشعر البولوني عل عهد الثورة سنة ١٨٣٠ في طور جديد وأثر على عقول الناهضين من شبانهم أحوال الفتن وانطلقت ألسنتهم بالشعر الممزوج بعواطف النفوس المتألمة ودامت طبقة الشعر في ارتقاء إلى أواخر القرن التاسع عشر بما تنشأ لهم من الشعراء بل والشاعرات المجيدات الذين حركوا كوامن النفوس وهيأوها لمطلب الكمال والاستقلال وساعد القصصيون خاصة بما نشروه من الأساطير والروايات على ترقية اللغة البولونية وإدخال حياة جديدة فيها في العهد الأخير دع عنك من خرج من هذه الأمة من الفلاسفة والمؤرخين.
وإن ما بقي من الآثار القليلة والعاديات في تلك البلاد ليدل دلالة واضحة على أن قدماء الصقالبة كانوا يحبون الصناعات والفنون وكذلك كانت الحال في القرون الوسطى في