والروس لأنمها ساوتهم بسائر عناصرها فلم يستثقلوا ظلها ولا تبرموا بإدارتها.
ولكثرة اندماج الألمانيين والإسرائيليين بالبولونيين من حيث يشعرون ولا يشعرون زادت نفوس فارسوفيا زيادة هائلة حتى بلغت الآن ثمانمائة ألف وكانت أقل من خمسين ألفاً وعدت من عواصم بلاد أوربا وبالنظر لخصب البلاد وعراقتها في الصناعات والتجارات ونشاط أهلها أكثر مكن سائر العناصر السلافية بلغت مداخيل المصنوعات البولونية ٤٢٠ مليون روبل وكانت أقل من ثلاثين وبلغت قيمة الثروة العامة في بولونيا الألمانية نحو ألف وثلاثمائة مليون مارك وكانت نحو أربعمائة مليون.
وهكذا تجد تجارتها واسعة باتساع غاباتها ومناجمها وخصب تربتها واقتدار أهلها على الصناعة والتقليد حتى حاكوا أعرق الأمم الغربية في الحضارة ويكفي أن كوري مخترع الراديوم هو وعقيلته من أهل بولونيا وإن فغي أهل أوربا كثير ممن نعرفهم الآن فرنسويون أو ألمانيين أو نمساويين أو إنكليزيين وهم في الحقيقة بولونيون لغة ومنشأ.
وبعد فيجدر وقد اتصل بنا نفس الكلام في هذا المبحث إلى هذا الحد أن نلم بطرف من تاريخ هذه الأمة وعلاقتها بالمسلمين ولاسيما آل عثمان فقد بدأت الصلات المهمة بين بولونيا والأمم الإسلامية على عهد لاديسلاس جاجلون والسلطان مراد الثاني وحاكم بلاد المجر على ذلك العهد يوحنا هونياد وهو تابع لبولونيا وكانت تحدث على الدوام مشاكل بين جيشه وجيش السلطان وبعد حروب وفتن كتب فيها النصرة تارة للعثمانيين وأخرى للمجريين سئمت نفوس الطرفين القتال فطلب السلطان مراد التوسط بالصلح إلى صاحب بولونيا فوقع على صكه في ١٤ ربيع الآخر سنة ٨٤٨هـ (١٤٤٤) لمدة عشر سنين على أن يعيد السلطان بلاد الصرب إلى ملكها وأن تضم بلاد الفلاخ إلى المجر ويفتدي السلطان صهره محمد الحلبي الذي أسر في وقعة كونوييرا بسبعين ألف دوكا (٨٠٥. ٠٠٠ فرنك).
واذا صادف أن السلطان مراد تنازل عن عرش الملك لابنه محمد طمعت أوربا في السلطنة ورأت الفرصة مناسبة للنيل منها وعلى عرش فتى لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره فطلب إلى صاحب بولونيا أن يشارك الدول في تحالفهن على العثمانيين فأبي للعهد الذي عقده مع سلطان العثمانيين فأرسل البابا إليه أوجين الرابع يصرح بنه لا خشية في بعض الأحوال من الحنث بالأيمان ومثل له بنفسه إذ أنه جهز ثماني سفن على نفقته وسمى نفسه