للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لضرب النقود في القلعة فكانت مصر في ذلك العهد أرقى كثيراًَ من اليابان.

أخذت الصناعة تنمو وتزدهر حتى بلغت من الانتشار والرقي مبلغاً عظيماً وبقيت كذلك حتى عهد الخديوي سعيد وقد أسس معملاً كبيراً كان يديره إفرنسي كبير هو أنجلو بك.

ثم أخذت الصناعة الأوربية تفد على مصر وعلى الأخص بعد إنشاء السكك الحديدية المصرية فألح قناصل الدول على سعيد باشا أن يبطل جميع المعامل فأبطلها ما عدا معامل الحربية فإنه أبقاها كما أنه أنشأ مدرسة الفنون والصنائع وقصر التعليم فيها على تعليم الرسم وفن العمارة وغيرها من الفنون الجميلة.

وقد وفدت على مصر في عهد الخديوي سعيد بعثة إفرنسية من المهندسين الجيولوجيين للبحث عن المعادن في بلادنا فأذن لهم الخديوي أن يعملوا وفي أثناء عملهم عثروا في السودان على صنف الفحم الحجري وحملوا منه كمية إلى مصر لتجربتها فجربت ووجدت نافعة وأقر على نفعها أنجلو بك ولكن قنصل إنكلترا في ذلك العهد لح على الخديوي أن لا يعنى بهذا المر بدعوى أنه يكلف الحكومة المصرية نفقات طائلة فضلاً عن أن الفحم من صنف غير جيد فأطاع الخديوي وفقدت مصر بذلك مرفقاً تجارياً مهماً.

وقد أنشئت في أوائل عهد إسماعيل مدرسة العمليات لكبرى في بولاق وكانت هذه المدرسة قائمة على نموذج مدارس الصنائع بفرنسا عين لها جيجيون بك الفرنسي ناظراً. قد بلغت من الرقي مبلغاً مدهشاً فكان المتخرجون فيها يؤدون عمل المهندس الميكانيكي والمهندس الرياضي معاً. وفي ذلك الوقت أنشئت المطبعة الأميرية في بولاق وأنشئ بجوارها معمل لعمل الورق على اختلاف أصنافه وأشكاله وكان ما يخرجه هذه المعمل كافياً لحاجة مصر. وقد بقيت على تلك الحال حتى هبط الاحتلال بلادها. وكذلك أنشئ الخديوي إسماعيل معامل السكر في الوجه القبلي والمدارس الصناعية في كل بلد من بلاد القطر فكان عهده من هذه الوجهة عهد حياة في الصناعة والصناع.

قضت سلطة الاحتلال سنة ١٨٨٤ أن يلغي معدن المدافع النحاسية وتباع عددها الكبيرة فبيعت هذه العدد من شركة إنكليزية بثمن بخس كما قضى ببيع عدد ضرب النقود إلى شركة إنكليزية أخرى وكان من هذه العدد ما لم يستعمل بعد وما لم تفتح صناديقه إلا أيدي رجال هذه الشركة وصدر الأمر ببيع جميع عدد آلات مصنع الورق وذلك في سنة ١٨٨٥