وفي هذه السنة أيضاً باعوا آلات وعدد الورشة الكبرى التي كانت الخاصة الخديوية قد أنشأتها حين اشترت سراء الجيزة.
وفي سنة ١٨٨٧ بيعت العدد والآلات التي كانت تدار بها مغازل اقطن وبيعت ورش القطن في الأقاليم واحدة بعد أخرى.
وفي عام ١٨٩٨ بيعت جميع آلات دار الصناعة الترسانة الكبرى بالإسكندرية وبركت مراكب البوسنة الخديوية وأحواضها لشركة إنكليزية بمائة وخمسين ألف جنيه وهو لا يعادل نصف ثمن حوض واحد والأحواض كثيرة والمراكب أكثر أما مراكب بولاق وترسانتها فإن جزءاً عظيماً منها قد بيع.
أنشأ المرحوم علي باشا مبارك ناظر المعارف الأسبق مدرستين صناعيتين إحداهما في المنصورة الثانية في أسيوط ليكون منهما أبر ملجأ للتلاميذ الذين فصلوا من المدارس التجهيزية التي كانت في المديريات فألغاها الاحتلال أما مدرسة المنصورة فلم تبق طويلاً لأن الورشتين اللتين يملكهما بعض الإنكليز في تلك المدينة قضتا على حياتها. حتى إذا كانت سنة ١٨٩٣ عادت إلى حالتها السابقة وأصبحت الآن ورشة بسيطة لا يتعلم فيها الطلاب إلا مبادئ القراءة والكتابة والهندسة والحساب والرسم العملي بعد أن كانت تعلم فيها العلوم الهندسية والميكانيكية العالية.
وليس ثمة دليل على عظيم الخطأ في رقي الصناعة في مصر أقطع ولا أنصع من الأقوال السديدة التي ذكرها المسيو (ليوبولد جوليين) المهندس الزراعي وأحد واضعي تقرير لجنة القطن الأخير فقد قال:
إن كل أمة يكثر فيها وجود المواد الأولية الضرورية للحياة يكثر فيها كذلك وجود المعامل لصنع تلك المواد فيها ومن أهمها القطن فإن كل الأمم التي تزرعه تنشئ بجواره معامل لغزله ونسجه والانتفاع به عدا مصر فإنها لا تزال فقيرة في معاملها خلواً على الأخص من هذا الصنف.
سعى الساعون في تأسيس معملين في نسج المنسوجات القطنية في سنة ١٨٩٩ أحدهما في القاهرة والآخر في الإسكندرية. أما معمل القاهرة فقد أغلق. ولا يزال الآخر باقياً وفيه ثلاثون ألف مشط وأربعمائة نول.