ولقد لقي مؤسسوه صعاباً جمة في تأسيسه أهمها وضع الحكومة المصرية على منسوجاته ضريبة قدرها ثمانية في المائة.
ثم رأت أن تنزل هذه الضريبة إلى ثلاثة في المائة لمدة خمس سنوات. فعسى أن تجعل الحكومة هذا الإعفاء دائماً حتى يتيسر لمروجي هذه الصناعة أن ينشروها في كل مكان.
على أن في البلاد المصرية نحو ستة آلاف وثلاثمائة نول للنسج وكلها للوطنيين وهي تستورد خيوط الغزل من الممالك الأوربية وقد استوردت في سنة ١٩٠٨ من هذه الخيوط ما قيمته ٢٢٩٠٠٠ج.
على أن ما تستهلكه البلاد المصرية في عام من المنسوجات الأوربية بلغت فقيمته في عام ١٩٠٨ ٤٠٠٠٠٠٠ج ولو كانت مصر تنسج منسوجاتها في معامل لحسابها لبقيت هذه الملايين في خزانتها ولم تنقل إلى خزائن المعامل الأوربية.
وقد فكر بعض ذوي النفوس العالية في الحال وفي مقدمتهم المرحوم مصطفى كامل باشا الذي اقترح على الأمة في سنة ١٩٠٢ إنشاء معهد صناعي كبير يكون بمثابة تذكار لمرور مائة عام على تولية محمد باشا الكبير مؤسس البيت الخديوي فلبت جمعية العروة الوثقى بمدينة الإسكندرية نداؤه وأخذت في الاكتتاب لتأسيس مدرسة محمد علي الصناعية فوجدت من نفوس الأمة ارتياحاً وأقبل على الاكتتاب كثيرون وفي مقدمتهم الخديوي وأعضاء الأسرة الخديوية وكرماء الأوربيين القاطنين في مصر.
وما جاءت سنة ١٩٠٨ حتى كان بناؤها عالياً ووضعها محكماً وهي اليوم تقدم للثغر أحسن الأعمال وتكفي الكثير من أبناءه ثم نحى أهل الخير هذا النحو فتأسست مدرسة أسيوط بهمة محمود باشا سليمان أحد كبار الأعيان وتأسست مدرسة في بني سويف وثالثة في الفيوم.
وقد عني الأمير حسين كامل باشا بالاكتتاب لمدرسة كبرى صناعية لمديرية البحيرة فلبى دعوته كثير من الأعيان الأغنياء وبلغ الاكتتاب نحو ٣٠٠٠٠ جنيه وظهرت هذه المدرسة في أجمل مظهر وهي تعمل الآن أعمالاً مفيدة.
وكذلك عنيت بطريركية الأقباط وأسست مدرسة صناعية كبرى في بولاق اكتتب لها كثير من أبناء هذه الطائفة بمبالغ طائلة وكذلك مدرسة طوخ الصناعية فإنها شيدت في هذه الأيام الأخيرة على أحسن طراز وغير ذلك من الورش الصغيرة.