للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يدهم في الغالب عن البدل النقدي فيشتغلون في التحصيل لهذا الغرض.

وقد ينبع بين هؤلاء أفراد يصبحون فخراً لقومهم. ونبراس هدى في وطنهم. أما الآخرون وهم معظم الطلاب فيحذقون من العلم القدر الذي ينجيهم من الخدمة العسكرية ثم لا يلبثون أن يستغلوا عنه فينسوه رويداً رويدا. ويكونون إلى سن صعب معها مزاولة عمل أو صناعة فيعيشون كلاً على أهليهم. يرمقون الرزق ترميقاً. ولو أنصف هؤلاء أن فسهم لما اشتغل بتحصيل العلم منهم إلا من أوتي نصيباً من ميل واستعداد للطلب. ورزقاً بكيفية مؤونة الحاجة. وإلا فخير للمرء منهم أن يتعاطى عملاً يرفه به عيشه. وينقذه من عار البطالة. ويمكنه من أداء البدل العسكري. أو أنه يقوم بهذه الوظيفة المقدسة. فإنها من أشرف الأعمال لاسيما في وقتنا هذا. وقد أصبحت الحكومة دستورية. والجندي فيها مرفه في معيشته. موفر الحرمة في أداء خدمته.

ولو بلغ طلاب العلوم الإسلامية في إحدى المدن مائة طالب مثلاً لكان منهم عشرة يشغلون المناصب الدينية: مثل مفتي. وموظف محكمة. وكاتب صكوك. وعشرة آخرون أغنياء عن الكسب بغنى والديهم. وعشرة سواهم أقدموا على الكسب بقوة من أرادتهم وهمة من نفوسهم. أما السبعون الباقون فيغذون ويروحون في قومهم على غير الحالة اللائقة بحرمة العلم وكرامة أهله وقد تقود البطالة بعض هؤلاء إلى انتياب أماكن اللهو. وينزل الحال بآخرين إلى تناول الصدقات. والسقوط على طعام الأموات.

وإنا لنود أن يكثر هذا العنصر فينا معشر المسلمين: عنصر الدين ولكنا نود لهم قبل كل شيء أن يكونوا موضع احترام العامة وإجلال الخاصة ليكون ذلك أدعى للانتفاع بهم. والتلقي عنهم. وأن يكون لهم من خزينة الأوقاف ومال الأمة رواتب تساعدهم على أداء وظائفهم. والظهور في مظهر التجمل بين أبناء قومهم. ثم يكون وراء ذلك من قبل الحكومة أو من قبل الرأي العام عيون تراقبهم. وتناقشهم لحساب أعمالهم. حتى إذا اقترف أحدهم ما لا يلاءم الآداب صنفه. وكرامة دينه. أكره على التجرد من زيه العلمي. ثم ليختر لنفسه صناعة أخرى أو يبقى متشرداً كما يريد. وإلا فإن ظهور أهل الدين في مظهر يزري بهم ويحط من قدرهم ويدعو إلى النفر منهم وترفع أبناء الخاصة عن الدخول في سلكهم. فلا يعود ينضم إليهم سوى الحثالة. من أهل الجهالة. وذوي البطالة.