للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخبر وعزاه إلى ابن خلدون مما دل على أنه لا يعرف من العربية وكتبها شيئاً. ومن العجيب أنه ينقل ما نقل عما كتبه ابن خلدون عن عمر هذا على شهرة الكتاب بين قراء العربية وعلمهم بأنه لم يحدث لهذه القصة الكاذبة ذكراً.

أما كتاب المقريزي فها هو بين أيدينا ففي الجزء الأول من ص١٥١ وصف المؤلف عمود السواري وهو أحد الأعمدة الشهيرة بالإسكندرية نقلاً عن عبد اللطيف البغدادي حرفاً بحرف. أما مكتبة الإسكندرية فقد ورد ذكرها عرضاً في تاريخ المقريزي ولذا يرى الموسيو لانجل أن ما كتبه المقريزي عن المكتبة لم يجيء في كتاب المقريزي إلا عرضاً أيضاً.

ومن الغريب أن المؤلفين من الإفرنج ممن لم يروا تاريخ المقريزي مرة في حياتهم ويشيرون إليه في كتبهم وإلى سابقه تاريخ عبد اللطيف. أما الموسيو لانجل فقد قرأ تاريخ المقريزي في لغته بالحرف ونقل منه تاريخ فتوح الإسكندرية نقلاً وافق فيه الأصل فلم يرد لمكتبة الإسكندرية في خلال ما كتب ذكر أو شبه ذكر.

وعليه فلا يبقى لدينا إلا مؤرخان هما عبد اللطيف وحاجي خليفة وكثيراً ما يشير مؤرخو الإفرنج إلى الأخير ولكنهم لا يقتبسون منه حرفاً. وقد أراحنا دي ساسي من عناء بحث طويل في هذا الموضوع بأن نقل ما كتبه حاجي خليفة بهذا الشأن وهو:

اهتمَّ الناس في صدر الإسلام بدرس فروع الشريعة وفنون الطب لاحتياجهم إلى الأمرين وضربوا صفحاً عما سواهما. ولما كانت العقيدة لم تثبت بعد ولا تزال مقلقة في قلوب الكثيرين ممن انتحلوا هذا الدين رأى أولو الأمر أن يحرقوا ما وجدوه من كتب العلم والحكمة في مكاتب البلدان المغلوبة لئلا يجد الشك سبيلاً إلى قلوب المسلمين.

ويرى القارئ أن حاجي خليفة نفسه لم يذكر الإسكندرية أو مكتبتها بحرف إنما ذكر أمر احتراق الكتب عامة ولم يعين مكاناً وهذا نوع من التعمية والنقص في التاريخ لا ينبغي الركون إليه أو الاعتماد عليه فلم يبق بعد إلا عبد اللطيف البغدادي وهو الذي كتب كتاباً فيما شهده في مصر وقد فرغ من تصنيفه في العاشر من شهر شعبان سنة ٦٠٣ للهجرة. وقد جاء فيه من الأغلاط والأكاذيب في وصف منارة سافاري ونسبتها إلى أرسطو والاسكندر وغيرهما ما يزعزع الثقة فيما كتبه هذا الثقة. وقد ذكر هذا الهير كيريل في