للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جبيل وابن هنفري ومقدم الداوية وكان من أعظم الفرنج شأناً وأسروا أيضاً جماعة من الداوية وجماعة من الاسبتارية (الاسبتالية) وكثر القتل والااسر فيهم فكان من يرى القتلى لا يظن أنهم أسروا واحداً ومن يرى الأسرى لا يظن أنهم قتلوا أحداً وما أصيب الفرنج منذ خرجوا إلى الساحل وهو سنة إحدى وتسعين واربعمائة إلى الآن (٥٨٣) بمثل هذه الوقعة قال ابن الأثير: ولقد اجتزت بموضع الوقعة بعدها بنحو سنة فرأيت الأرض ملأى من عظامهم تبين على البعد منها المجتمع بعضه على بعض ومنها المفترق هذا سوى ما جحفته السيول وأخذته السباع في تلك الآكام والوهاد.

واختلفت الروايات في مقدار عسكر صلاح الدين والصحيح على أنه كان نحو جيش الصليبيين أي يزيد عن خمسين ألف مقاتل إلا أنه كان يزداد كل يوم حتى صار معه في طبرية ثمانون ألف مقاتل واجتمع عسكر الصليبيين في الجليل في صحراء صفورية أولاً إلى أن كانت هذه الوقعة التي لم تقم لهم بعدها قائمة وسقطت مدن الجليل بيد الجيش الصلاحي واحدة بعد أخرى مثل عكا والناصرة وقيسارية وحيفا وصفورية ومعليا والشقيف والفولة وغيرها من البلاد المجاورة لعكا قال العماد الاصفهارني: وكانت الفولة أحسن قلعة وأحصنها واملأها بالرجال والعدد واشحنها وهي للداوية حصن حصين ومكان مكين وركن ركين ولهم بها منبع منيع ومربع مريع ومسند مشيد ومهاد مهيد وفيها مشتاهم ومصيفهم ومقراهم ومضيفهم ومربط خيولهم ومجر ذيولهم ومجرى سيولهم ومجمع اخوانهم ومشرع شياطينهم وموضع صلبانهم ومورد جمتهم وموقد جمرتهم فلما اتفق يوم المصاف خرجوا باجمعهم إلى مصرعهم واثقين بأن الكدر لا يتمكن من صفو مشرعهم فلما كسروا وأسروا وخسروا وتحسروا ظلت ظلول انفولة بحدود اهلها المفلولة ودماء داويتها المطلولة ولم يجتمع شمل غمودها بالسيوف المسلولة ولم يبق بها إلا رعايا رعاع وغلمان وأتباع واشياع شعاع فعدموا امكان حماية المكان ووجدوا امنهم في الاستئمان فسلموا الحصن بما فيه إلى السكان وكانت فيه اخاير الذخائر ونفائس الاعلاق فوثقوا بما أحكموه من الميثاق وخرجوا ناجين ودخلوا في الزمام لاجين وللسلامة راجين وتسلم جميع ما كان في تلك الناحية من البلاد مثل دبورية وجينين وزرعين والطور والمجون وبيسان والقيمون وجميع مالطبرية وعكا من الولايات والزيب ومعليا والبعنة واسكندرونة ومنوات.