وسرير الديانة المسيحية، فإذا بقي العالم مسيحياً في مستقبل الزمان وصار أكثر احتراماً لأصول الدين وأشد رغبة في استبدال الأماكن المقدسة المشكوك فيها بأماكن حقيقية فما عليه إلا أن يبني كنيسة على هذه الآكام التي كان يسوع يجلس عليها ويشاهد العالم بها، هناك يجب أن تقام الكنيسة الكبرى التي يجب أن يحج إليها المسيحيون من جميع أقطار العالم، هناك حيث يرقد يوسف النجار وألوف من أبناء الناصرة المنسيين يحق للفيلسوف أن يقف ويتأمل في مجرى حوادث العالم ليعزي نفسه عما يصادفه الانسان في هذه الحياة من الفشل والخيبة في أعز ما يكون لديه ولكي يتحقق أن العالم سائر إلى غرض إلهي لا يصرفه شيء عنه مهما قام في سبيله من المصاعب والعثرات.
هذا ماوصف به فيلسوف الفرنسيس الناصرة بلد يسوع الناصري كما كان يقال له والتي منها اشتق اسم النصارى وهو وصف ينطبق كل الانطباق على حالتها اللهم إلا ما جاء عفو الخاطر فكان أشبه بتشبيه شاعر مثل قوله في مكان الناصرة أنه ليس في الدنيا كلها مكان أفضل منه للتأمل في السعادة والراحة ونظن مثل هذا القول يصح إطلاقه على جبال سورية عامة بل جبال الأرض كافة فهي كلها تبعث الروح على التأمل لفراغ الذهن فيها من كدورات المدن وازدحام الأنفاس ولما تقع عليه العيون من المناظر الشائنة في هذا الوجود الغريب وكيف كانت الحال فالفيلسوف يعذر على ما قال لنشأته وتربيته التي قلما يتجرد منها إنسان مهما نزع ربقة القيود والتقاليد ولكن هذا الغلو لا يقدح في جمال هذا البلد الطيب وأي بلاد لا تطيب لأهلها.
أما تاريخ الناصرة فله ارتباط كلي بتاريخ الجليل وبعد فلم تداهم جيوش كبرى وهولاكو وتيمور هذا الإقليم فلم من غاراتهم وتخريبهم ولقد قال بعض مؤرخي الافرنج أن التسامح الذي أسداه المسلمون للمسيحيين لم يدم زمنه طويلاً حتى أن ويلبالد لما وصل إلى الناصرة سنة ٧٢٥ م لم يجد فيها كنيسة قائمة ومع هذا ذكروا بأنه كان فيها سنة ٨٠٨ ثمانية عشر راهباً.
وتغلب الامبراطور يوحنا سيميسيس على العرب واستولى على سورية وفلسطين واحتل طبرية عام ٩٧٥ م وجبل تابور والناصرة ولكن ادخل عليه خصيانه السم فعادت الولايات التي افتتحها فسقطت في أيدي العرب، وقد قال ساولف أن تنكرد لما فوضت إليه بعد فتح