إحراق كتب ثمينة امتدحها له صديقه ولو قيل لنا أن عمراً لم يكن حر التصرف نقول لابد أن يكتب على الأقل كلمة في نفاسة المكتبة في كتاب إلى عمر ولا نظن أن الخليفة كان يخذله في أمر كهذا لما للفاتح عنده من المقام والمكانة. مثال ذلك أن الخليفة لم يكن يريد فتح مصر ولكن عمراً أخذ ذلك على نفسه فأطاعه الخليفة في فتح مملكة فكيف لا يرضى له إبقاء مكتبة.
ومما يدل على أن المكتبة لم يكن لها وجود في عهد عمرو أنه لما كتب تقريره المطول إلى الخليفة بعد فتح الإسكندرية جاء فيه: وفي هذه المدينة أربعة آلاف حمام وأربعة آلاف دار لها شرفات وأربعون ألف إسرائيلي يدفعون الضرائب وأربعمائة مكان للرياضة والتنزه واثنا عشر ألف حديقة تخرج الأثمار فهل يعقل أن الرجل الذي لا يغفل في تقريره الحدائق والديار أن يهمل ذكر مكتبة الإسكندرية لو كانت موجودة في عهده على ما لها من الأهمية ونحن نختم هذه الرسالة ببيت من الشعر الإنكليزي: إننا نوجه إليهم سهام اللوم وليس جديراً باللوم سوانا.