وأكثر جبال سورية غابات فيما احسب جبل لبنان ففيه من الأشجار غير المثمرة الزان والسنديان والسرو والأرز، والأرز أهمها ومنه غابة بالقرب من قرية بشري قديمة والغالب هي التي كان يحمل من خشبها أيام الفراعنة إلى مصر لبناء سفنها والمعابد وغيرها فيؤتى به إلى جبيل أو إلى طرابلس ومنهما يحمل في سفن شراعية، ولعل غابات دير القمر والباروك وعين زحلتا كانت تحمل إلى صيدا ومنها تقل في المراكب، قالوا أن الحكومة في لبنان كانت تحتكر أربعة أشكال من الشجر تستثمرها لخزينتها وهي السرو والعرعر والأرز والصنوبر وتسمح بقطع غيرها واحتطابه، وقلت الغابات في لبنان منذ نحو خمسة قرون لاحتياج السكان إلى الاحتطاب وأخذ القوم يقلعون الغابات ويغرسون بدلاً منها أشجار التوت والكرم، وشجر الأرز مما تفرد به جبل لبنان من دون سائر جبال سورية ولا وجود له إلا في أعالي سير ببلاد الضنية في وادي النجاص ففيه كثير من شجر الأرز وبين سير ونبع السكر وفي الغابة الواقعة خلف وادي جهنم ويسمى تنوب.
ويكثر شجر الشوح في جرود الهرمل وعكار وهي في الغالب من الأملاك الأميرية ينتفع بها الأهلون خفية أو يدفعون ثمناً قليلاً للاحتطاب منها كما هو الحال في جبال عجلون، وفي جرود الهرمل وعكار صنوبر وسنديان وأنك لتمر في جبال طويلة عريضة لا ترى إلا السنديان وكذلك جرود الضنية وعكار من أعمال طرابلس كلها حراج تضمنها الحكومة.
وعلى مسيرة يوم من شرقي حماة غابات من شجر البطم وهي الفستق البري بعينه تسمى الثومرية والبلعاس وهي منازل للعربان يقطعون منها ما شاؤوا ويرعون فيها ماشيتهم وقد أضيفت إلى الأراضي المدورة أي الأراضي السنية فما زادت إلا خراباً على خلاف بعض الأراضي التي ضمت إلى الأراضي المدورة في العهد الحميدي فكان من حظها أنها عمرت وارتفع فيها علم الأمن.
وأخبرنا أحد أصحابنا أن في قرية حرمل من جبال النصيرية وسكانها تركمان غابة زرعها أهل تلك القرية منذ زهاء عشرين سنة فطالت كالرماح وحسن طلعها بعد ثلاث سنين من غرسها مما دل على أن جبال النصيرية كانت إلا قليلاً مغشاة بالغابات التي لم يبق منها اليوم إلا أثر ضئيل ورسم محيل، ولو توفرت عناية الأهلين في الجرود والجبال لغرسوا