والمدنية كتيار قوي لا تقف في وجهه سدود الحكومات، مهما ضغطت، ورابطة اللغة والدين أقوى الروابط لا تنزعها القوانين اليوم مهما جارت والأمة الآن تحبو وتوشك أن تمشي مشية الشاب القوي العضلات التام الأدوات والصفات، خصوصاً إذا تعاطفت وتعارفت أكثر مما تتعاطف الآن وتتعارف وعندنا أن الصلات الاقتصادية أي التجارية إذا قويت بين هذه البلاد أكثر مما هي الآن ورحل التاجر الراقي من العراق إلى تونس وجاء المراكشي إلى الشام ونهض اليماني نحو مصر وكثرت الصلات والمواصلات واشتركت المنافع واتحدت يتأتى أن نقول ولو بعد قرن أو قرنين (والقرن والقرنان لا يعدان شيئاً في حياة الأمم) أن هناك أمة عربية ذات كيان يذكر لا يقل عن كيان الطليان والألمان واليابان والأميركان والعصر عصر تكوين الوطنيات باللغات وإحياء ما اندثر من القوات بضم شملها بعد الشتات ولا سبيل إلى النهوض إلا بإحياء اللغة والآداب وتذكير الأبناء بما فعل الآباء وإلا فتبقى هذه الأمة الكثيرة الحصا الوافرة البقاع والأصقاع أمام المدنية الغربية أقرب إلى الاضمحلال منها إلى البقاء ومتى أزمن مرضها يتعذر برؤها، سبحان من يحيي العظام وهي رميم.