للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذا مذهب الأستاذ برليتز في إتقان ملكة اللغات وقد انتقل من نيويورك إلى باريس عام ١٨٨٩ فأسست في هذه العاصمة أول مدرسة على تلك الطريقة وانتقل هذا المذاهب في تلك السنة إلى إنكلترا وألمانيا فأسست في كل من لندن وبرلين مدارس لهذا الغرض. وما برحت مدارسها تتكاثر في الأصقاع الأوربية حتى كانت في بدء هذه السنة ٢٤٢ مدرسة في أوربا وحدها وكلها أسفرت عن ارتقاء واقتصاد في الوقت والمال وطريقة القائمين بهذا الأمر أن يكون لكل تلميذ أستاذه الخاص به فيأخذ هذا يعلم تلميذه ما يقع نظره عليه في قاعة الدرس من منضدة وكرسي وكتاب وباب ونافذة يلفظها بلغتها ولا يزال يكررها المتعلم حتى يتقن التلفظ فإذا نفذت المسميات لدى الأستاذ في الغرفة يعمد إلى صور سهلة واضحة رسمت على صفحات مجموعة رسوم فما هو إلا أن يتعلم التلميذ أسماء الأشياء الواقعة تحت حسه مع الألوان التي يمتاز بها كل منها ثم ينتقل إلى صفات الحجم وأفعال الحركات والأعداد. فإذا أنجز درس الأشياء يشرع المعلم في اختيار جمل يكون التلميذ قد عرف أكثر مفرداتها. فلا يمضي ثلاثون درساً إلا وقد عرف التلميذ الأفعال الشائعة في الاستعمال والمفردات التي تدخل غالباً في الأحاديث العامة ويتمكن في ستين درساً من بيان فكره أصح بيان ف يكل ما له علاقة بمجرى الحياة الاجتماعية العادي. ويحسن في اختيار المعلمين أن يكونوا ممن لا يعلمون لغة المتعلم.

ومما يضحك ما وقع لولد أحد كبار المنشئين الفرنسيين وكان يدرس الألمانية على طريقة برليتز قيل أنه لما بلغ به المعلم إلى تمييز الفعل المتعدي من اللازم لم يفهم التلميذ المراد من المتعدي واللازم وأخذ معلمه يشرحهما له بالإشارة تارة والتشبيه طوراً فلم يفلح وكان تلميذه معه كأعجم طمطم لا يفهم ولا يُفهم. وأبى الأستاذ على تلميذه أن يفسر له شيئاً بلغته مع إلحاحه عليه في ذلك وراح الطفل إلى دار أبيه وقد بلغ منه الغيظ وأنشأ يقلب كتاب نحوه يفتش عن الأشكال فاهتدى بنفسه إلى حله وشكا أمره إلى والده فقال له: أي بني لقد أحسن الأستاذ أن أبى عليك شرح ما يريد تعليمك بلغتك ولو قاله لك لغرب عن ذهنك وأصبح لديك بعد زمن نسياً منسياً. أما الآن فإني على ثقة من أنك لا تنسى التفرقة بين الفعل اللازم والمتعدي ولو بعد مائة سنة.

قال الكاتب الذي عربنا عنه هذا المبحث وقد كاد أرباب الأفكار والحصافة يجمعون على أن