لا يجوز لمن كان فتواه نقلاً لمذهب إمام إذا اعتمد الكتب أن يعتمد إلا على كتاب موثوق بصحته وبأنه مذهب ذلك الإمام فإن وثق بأن أصل التصنيف بهذه الصفة لكن لم يلق هذه النسخة معتمدة فليستظهر بنسخ منه متفقة.
(قال النووي) قلت: لا يجوز لمفت إذا اعتمد النقل أن يكتفي بمصنف أو مصنفين ونحوهما من كتب المتقدمين وأكثر المتأخرين لكثرة الاختلاف بينهم في الجزم والتخريج.
(الثامن)
إذا أفتى في حادثة ثم حدث مثلها فإن ذكر الفتوى الأولى ودليلها بالنسبة إلى أصل الشرع أن كان مستقلاً أو إلى مذهبه منتسباً أفتى بذلك بلا نظر وإن ذكرها ولم يذكر دليلها ولا طرأ ما يوجب رجوعه فقيل له أن يفتي بذلك والأصح وجوب تجديد النظر ومثله القاضي إذا حكم بالاجتهاد ثم وقعت المسألة وكذا تجديد الطلب في التميم والاجتهاد في القبلة وفيهما الوجهان.
قال القاضي أبو الطيب في تعليقه في آخر باب استقبال القبلة: وكذا العامي إذا وقعت له مسألة فسأل عنها ثم وقعت له فيلزمه السؤال ثانية - يعني على الأصح - إلا أن تكون مسألة يكثر وقوعها ويشق عليه إعادة السؤال عنها فلا يلزمه ذلك ويكفي السؤال الأول.
(التاسع)
ينبغي أن لا يقتصر على قوله في المسألة خلاف أو قولان أو وجهان أو روايتان أو ترجع إلى رأي القاضي أو نحو ذلك وهذا ليس بجواب ومقصود المستفتي بيان ما يعمل به فينبغي أن يجزم له بما هو الراجح فإن لم يعرفه توقف حتى يظهر أو يترك الفتيا كما كان جماعة من كبار أصحابنا يمتنعون عن الإفتاء.
هذا ما نقله النووي في شرح المهذب.
آداب الفتوى
(الأول)
قال النووي: يلزم المفتي أن يبين الجواب بياناً يزيل الإشكال ثم له الاقتصار على الجواب شفاها فإن لم يعرف لسان المستفتي كفاه ترجمة ثقة واحد لأنه خبر وله الجواب كتابة وإن كانت الكتابة على خطر وكان القاضي أبو حامد كثير الهرب من الفتوى في الرقاع.