المختار للمتصدي للفتوى أن يتبرع بذلك ويجوز أن يأخذ عليه رزقاً من بيت المال إلا أن يتعين عليه وله كفاية فيحرم على الصحيح.
ثم إن كان له رزق لم يجز أخذ أجرة وإن لم يكن له رزق فليس له أخذ أجرة من أعيان من يفتيه على الأصح كالحاكم.
واحتال الشيخ أبو حاتم القزويني من أصحابنا فقال له أن يقول يلزمني أن أفتيك قولاً وأما كتابة الخط فلا فإن استأجره على كتابة الخط جاز.
قال الصيمري: لو اتفق أهل البلد فجعلوا له رزقاً من أموالهم على أن يتفرغ لفتاويهم جاز.
(وأما الهدبة) فقال أبو المظفر السمعاني له قبولها بخلاف الحاكم فإنه يلزمهم حكمه قال أبو عمرو: ينبغي أن يحرم قبولها إن كانت رشوة على أن يفتيه بما يريد كما في الحاكم وسائر ما لا يقابل بعوض.
قال الخطيب: وعلى الإمام أن يفرض لمن نصب نفسه لتدريس الفقه والفتوى في الأحكام ما يغنيه عن الاحتراف ويكون ذلك من بيت المال ثم روى إسناده أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعطى كل رجل ممن هذه صفته مائة دينار في السنة.
(السادس)
لا يجوز أن يفتي في الإيمان والإقرار ونحوهما مما يتعلق بالألفاظ إلا أن يكون من أهل بلد اللافظ أو منزلاً منزلتهم في الخبرة بمرادهم من ألفاظهم وعرفهم فيها انتهى كلام النووي، وهكذا نقل ابن فرحون في التبصرة عن القرافي أنه ينبغي للمفتي إذا ورد عليه مستفت لا يعلم أنه من أهل البلد الذي فيه المفتي أن لا يفتيه بما عادته يفتي به حتى يسأله عن بلده وهل حدث لهم عرف في ذلك اللفظ اللغوي أم لا وإن كان اللفظ عرفياً فهل عرف ذلك البلد موافق لهذا البلد في عرفه أم لا وهذا أمر متيقن واجب لا يختلف فيه العلماء وأن العادتين متى كانتا في بلدين ليسا سواءً أن حكمهما ليس سواءً إنما اختلف العلماء في العرف واللغة هل يقدم العرف على اللغة أم لا والصحيح تقديمه لأنه ناسخ والناسخ مقدم على المنسوخ إجماعاً فكذا هنا انتهى.