ولكن رجال النهضة منهم لم يقفوا عند حد التمني فألف الدكتور هارتشل الجمعية الصهيونية التي جعلت همها الوحيد جمع المال وتوحيد كلمة اليهود على اختلاف لغاتهم وبلدانهم وجمعهم في بلد واحد أمين يحصنونه أعظم تحصين بحيث لا يستطيع أحد مهاجمتهم وفاوض الدكتور المذكور حكومة عبد الحميد في ذلك ولم ينجح فعهدت الجمعية الصهيونية إلى الايكا بالاستعمار التدريجي كما عهد إلى جمعية الاتحاد الاسرائيلي (اليانس اسرائيليت) بالتهذيب والتعليم وبقيت تعمل على جمع المال وتوحيد كلمة اليهود وإقناع رجال الحكومة الدستورية بحسن مقاصدها.
نعم إن الجمعية الصهيونية اليهودية ورفيقاتها جمعيات ايكا وفاعوليم واليانس وغيرها ساعيات في استرجاع فلسطين التي وعدهم بها ربهم في الإصحاح الثاني والثلاثين من ارميا من الكتاب المقدس الباحث عن أسر بابل لليهود والذاكر وعد الرب برجوعهم إلى فلسطين بقوله في آخره:
يشترون الحقول بفضة ويكتبون ذلك في صكوك ويختمون ويشهدون شهوداً في أرض بنيامين وحوالي أورشليم وفي مدن يهودا ومدن الجبل ومدن السهل مدن الجنوب لاني أرد سبيهم يقول الرب وذلك بعد ما سبتهم حكومة الكلدان على أنهم لم يستطيعوا البقاء من بعد ذلك لأنهم أصبحوا محل التنازع بين حكومة الرومان في مصر وحكومة الرومان في أنطاكية ثم انقرضوا ولم يبق لهم ملك ولا دولة والآن عملاً بهذه الآية يشترون الأراضي في فلسطين على حساب الفضة ويشرطون البيع على أن يكون الثمن فضة ويكتبون الصكوك ويشهدون وهكذا تراهم لا يفتررن طرفة عين وهم يتجسسون الأخبار عن الذين تأخرت حالتهم المالية من أهل هذه البلاد وهي عبارة عن لواء عكاء بأجمعه ولواء القدس ولواء نابلس وقسم من لواء الكرك وبعض من قضاء عجلون ويطمعون البائع بالثمن الفاحش ويكتبون الصكوك ويشهدون عليها ويسجلونها عند محرر المقاولات وعند بعض القنصليات وكانت الحكومة قبلاً منعت استعمارهم ولكن بما بذلوه من الدنانير التي تسحر الباب الخائنين من الحكام والمستخدمين استطاعوا أن يستولوا على ثلاثة أرباع قضاء طبرية ونصف قضاء صفد وأكثر من نصف قضاء يافا والقدس والقسم المهم من نفس حيفا