وبعض قراها واليوم يسعون للدخول إلى قضاء الناصرة ليستولوا على سهل شارون ويزرعيل المذكور بالتوراة والمعروف اليوم بمرج بني عامر الذي يشقه الخط الحجازي من الغرب إلى الشرق وكل ذلك بأسماء العثمانيين وبدلالة سماسرتهم الخائنين الذين يعدون أنفسهم من سراة القوم وأمجاد البلاد وهكذا اشتروا الكثير من القرى واستولوا عليها وهم لا يخالطون العثمانيين ولا يشترون منهم شيئاً ولهم بنك أنغلو فلسطين بقرضهم بفائدة لا تتجاوز الواحد في المائة في السنة وقد جعلوا كل قرية إدارة فيها مدرسة وكل قضاء مديرية ولكل جهة مدير عام ولهم راية لونها أزرق وفي وسطها خاتم سليمان وتحته كلمة عبرانية معناها صهيون لأنه جاء في التوراة أن أورشليم ابنة صهيون ويرفعون هذا العلم مكان العلم العثماني في أعيادهم واجتماعاتهم ويترنمون بالنشيد الصهيوني وقد احتالوا على الحكومة فقيدوا أنفسهم عثمانيين في سجل النفوس كذباً وبهتاناً وهم لا يزالون حاملين الجوازات الأجنبية التي تحميهم وعندما يصيرون إلى المحاكم العثمانية يظهرون جوازاتهم ويدعون الحماية الأجنبية ويحلون دعاويهم واختلافاتهم فيما بينهم بمعرفة المدير ولا يراجعون الحكومة ويعلمون أبناءهم الرياضة البدنية واستعمال السلاح وترى بيوتهم طافحة بالأسلحة وفيها كثير من المارتين ولهم بريد خاص وطوابع خاصة وغير ذلك مما يبرهن على أنهم بدأوا بتأسيس مقاصدهم السياسية وتأليف حكومتهم الخيالية فإذا لم تضع الحكومة حداً لهذا السيل الجارف لا يمضي على فلسطين زمن إلا وتراها أصبحت ملكاً للجمعية الصهيونية ورفيقاتها أو شعبها المذكورة.
إليك بعض ما يقال في الاستعمار الصهيوني وعواقبه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وهو مضر باتفاق العقلاء المجردة نفوسهم عن الأغراض وهناك استعمار آخر في فلسطين والجليل وهو أقل منه خطراً ونعني به قدوم الجالية من الأوروبيين ليتخذوا هذه البلاد موطناً لهم على أن لا ينسوا مساقط رؤوسهم ويظلوا من تبعة دولهم كالألمان في يافا وحيفا مثلاً.
فقد أتت عشرات من الأسرات الألمانية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ونزلت في ذيلك البلدين فارة بدينها من ألمانيا إلى هذه الأرض المقدسة وهي من طائفة حرة اسمها شيعة الهيكليين أو أحباب أورشليم أنشئت سنة ١٨٦٢ في إمارة ورتمبرغ في ألمانيا عقيب