وهو لها معتصم وملجأ وحيفا القديمة كانت في مكان لا يبعد كثيراً عن حيفا الجديدة عرفت آثاره كما أن مدينة سيكامينوس تبين أنها على أربعة كيلومترات من حيفا القديمة وقد اكتشفت بعض آثارها وعادياتها وهي رومانية يونانية.
ولقد كانت حيفا في الإسلام من جملة الحصون المشرفة على البحر الرومي لا سيما وأنها موازية لجزيرة قبرص ولم تزل في أيدي المسلمين إلى أن تغلب عليها كوفرى الذي ملك بيت المقدس سنة ٤٩٤ وبقيت في أيديهم إلى أن فتحها صلاح الدين يوسف بن أيوب في سنة ٥٧٣ (١١٨٧) وكانت حيفا من نصيب الملك تنكرد الذي أصبح أميراً على بلاد الجليل من طبرية إلى حيفا ولما سقطت عكا في أيدي الافرنج سنة ١١٩١ خرب صلاح الدين حيفا نكاية بالصليبيين حتى لا ينالهم منها إلى الخراب، ولكن هؤلاء جددوا بنيانها ولما غادروا سورية سنة ١٢٩٢ ظلت حيفا خاملة الذكر إلى أن كان القرن الثامن فاستولى عليها الشيخ ظاهر العمر كما استولى على أرض الجليل ودكها فجعل عليها سافلها ثم أعاد بناءها وبنى عليها سوراً وأنشأ له قصراً من جنوبها يطل عليها.
والظاهر عمر هذا كان من أرة بدوية اسمها بني الزيادنة ورث من أبيه الحكم على مدينة صفد واستولى على طبرية سنة ١٧٣٨ وعلى عكا سنة ١٧٤٩ فأصبح شيخاً على أعمال الجليل كلها وكان يميل إلى العمران بحيث يشبه بأعماله الأمير فخر الدين المعني أمير الدروز في القرن الحادي عشر للهجرة وقد تقاتل الشيخ ظاهر العمر مع أبنائه أنفسهم ثم غدر به أحد رجاله أحمد باشا الجزار واستولى على الحكومة دونه، واستولى بونابرت على حيفا سنة ١٧٩٩ وبعد بضعة أيام ضربه الاسطول الانكليزي ضربة قاضية وفي سنة ١٨٣٧ احتلت عساكر ابراهيم باشا المصري مدينة حيفا وفي سنة ١٨٤٠ أصيبت حيفا ولا سيما حصنها بأضرار جسيمة من قذائف الأساطيل الانكليزية والنمساوية والعثمانية ومنذ غادرها الجيش المصري ظلت بلا حامية إلى المدة الأخيرة وقد جعلت قضاءً وأخذت بعض السفن التجارية ترسو فيها قليلاً فتنقل إليها البريد والبضائع وتحمل منها حبوب حوران وحاصلات الجليل وقد زادت مكانة بجعلها سنة ١٣٢٠ مبدأ للسكة الحديدية الحجازية فأنشئت في ضاحيتها محطة مهمة ومعامل وأنابير فأخذت المدينة تعمر بذلك حتى كادت بما بلغته تنسي ذكر الموانئ المجاورة لها، ويقدر سكانها الآن بنحو عشرين ألف نسمة نحو