الخاصة به فالفتى لا يحضر دروس الكلية للحصول على معارف تنفعه للقيام بحرفة ما في المستقبل وما هذا المطلب إلا ثانوي بل أن الغاية التي يسعى وراءها في سنيه الثلاث في الكلية هو أن يصبح رجلاً وتكون له شخصية، يعينه على ذلك أساتذته وأترابه ومن هنا نشأت فائدة جمعيات الطلبة لأن الطالب يتعلم فيها أمرين مهمين الطاعة واحترام الناس له، والطلبة المتقدمون يطبعون على ذلك الطلبة المتأخرين أو المحدثين بمحافظتهم على قواعد لهم يسنونها وبالمحافظة عليها ينبعث في الطالب شعور الشرف وعزة النفس في الحياة المشتركة وتقوى إرادته على الصدمات فهو إذا خلص من سلطته في منزله بين أبويه يكون لتلك الجمعيات عليه شيء من السلطة الأدبية فبالكلية لا يصبح رجلاً عالماً ومهذباً فقط بل صاحب أخلاق، ولقد صدق أحد من وصف الكليات في الغرب فقال أن الكليات الفرنسوية تنقصها الحرية والكليات الانكليزية يعوزها العلم وفي الكليات الألمانية لا ينقص هذا ولا ذاك.
قام مجد ألمانيا قديماً بمن نبغ فيها من الفلاسفة ثم بمن نبغ فيها من القواد والجند ومجدها اليوم مناط إلا قليلا بأرباب الصناعة والتجارة من أبنائها، ومعلوم أن حاجة المدنية الحديثة ماسة للإخصاء في العلوم والتفرد في الصناعات وألمانيا لا تجهل أن قوتها في جهاد الأمم السلمي بمن لديها من الاخصائيين الكثيرين كثرة لا نظير لها عند الأمم الأخرى ولذا بذلت العناية للمدارس الفنية والاخصائية حيث يتعلم الشبان علوماً توجد لهم مراكز في الصناعة وإذ جعلوا في أواخر القرن الماضي من حق هذه المدارس أن تمنح لقب دكتور للمتخرج بها كما تمنح الكليات فقدت هذه بعض الإقبال عليها إن لم يزد كما هو المأمول.
وبعد فما برح الأساتذة الذين أوجدوا في الكليات روح الوحدة الألمانية وربوا رجال الأمة تلك التربية السياسية المهمة يتوفرون على الاحتفاظ بهذه الوحدة حتى صح على الألمان ولا يزال صحيحاً ما كان قاله بسمرك وقد رأى جماهير الطلبة سنة ١٨٩٥ تجيء لتهنئته بعيده الثمانيني: منذ رأيت هذه البلوطات الألمانية الحديثة (ويعني بها الشبان الألمانيين) لم يبق عندي أقل قلق على مستقبل ألمانيا.
صور تتغنى وتتكلم
إن النجاح الذي صادفته الصور المتحركة بتمثيل الأشباح على الستار قد جعل المفكرين