باشقودرة مع أنها اسكدرا إحدى أحياء الاستانة ويا بعد ما بين اشقودرة والاستانة وقالت إحدى جرائد الاستانة الكبرى أن والي بيروت زار جبلة مركز جبل الدروز مع أن جبلة على الساحل من أعمال بيروت وجبل الدروز في داخلية سورية لا علاقة لها مع والي بيروت إلى غير ذلك مما يقع أمثاله لصحافتنا كل يوم وهم يبحثون في بلادهم فما بالك بهم إذا تجاوزوهما إلى الصين والهند واوستراليا واميركا وأوروبا وأفريقية، وربما لا يخبط بعضهم عند كلامه على جغرافية الولايات المتحدة أو فرنسا أو انكلترا مثلاً بقدر ما يخبط في كلامه على ولايته نفسها إذ يكون قد درس جغرافيتها في مدارس الفرنسيس والأميركان والإنكليز حق الدراسة في كتب جيدة ونظر إلى كرة الأرض أو المصورات فطبق ما قرأه في الكتاب على المشاهد.
ولكن علماء الجغرافيا في أوربا اليوم يرون تعليم هذا الفن على تلك الصورة متعباَ للذهن لا يلبث الطالب أن ينساه متى خرج من المدرسة وإذا ذكر منه فلا بذكر إلا اجماليات لا تغني من التفصيل شيئاً فقالوا أي فائدة للطالب أن تذكر له أن في المقاطعة الفلانية كذا من الأنهار والرؤوس وشبه الجزر والجبال والمدن والدساكر وهو يعتقد بأن ما يتناوله من هذا العلم هو من الكماليات لاغناء منه إلا بقدر ما في حسن الخط والرياضة الجسمية وكم من عالم رديء الخط ومن أديب لا يحسن اللعب على الحبل ولا يقفز مترين ولا يستطيع السير على قدميه ساعة أو التصعيد في جبل.
يبد ان فن الجغرافية نافع في التربية نفع الرياضيات فهو علم تعقل وتدير هو علم صلات الأرض بالانسان ولذلك كان له شأن في تثقيف العقل فيه يدرسك المرء جسامة البحر المحيط وعظم غابات اميركا وأخلاق زنوج افريقية ويعودنا النظر إلى البلاد التي نعيش فيها ولا نعرف من امورها الطبيعية شيئاَ فلا نقدر ابعادها ولا قممها واوديتها ومضايقها رجوفها ولا لمَ كانت الأشجار الفلانية تجود في الساحل ولا تجود في الداخلية كل ذلك مما تعلمه الجغرافيا اليوم فيها نعرف تركيب طبقات الأرض واشكال النواتيء والمناخ وكيف تنبعث المياه واشكال ما يعيش فيها من الحيوانات والنباتات والانسان، وتدل كيف أن المرء مستعبد لقوى العالم واسير في الأرض وأنى له أن يجاهدها ويتغلب عليها ويبين الصلة المتبادلة بين الأرض والإنسان.