للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي القرن الماضي بدت الجغرافيا في مظهر جديد بما توفر لها من علوم طبقات الأرض والطبيعة وأصول الشعوب وعلم قياس البحار وعلم الأحداث الجوية والحيوان والنبات والاقتصاد السياسي ورحلات من وصفوا الأمم وصفاً مجرداً ووصفوا بلادهم وصفاً مدققاً وتمت لها اكتشافاتها ولم يبق إلا شيء يسير من الأرض يحاول العلماء اليوم أن يكتشفوه ونعني به القطب الشمالي والقطب الجنوبي، وكم ذهب في هذا السبيل من رجال وصرفت فيه من أموال.

فغدا هذا العلم يبحث في مختصراته ومطولاته عن الحوادث الكبرى في الجغرافيا الطبيعية والجغرافية الاقتصادية ولكن علماء الجغرافيا ينتقدون اليوم تلك الطريقة التي كانت مثل الرجوع بعد تلاوة الكتاب إلى المصورات أو رسمها كما هو الحال في بعض مدارس الشرق النظامية قائلين أن الجغرافيا لا تعلم في قاعة الدرس وهي مقفلة على هذه الصورة وأن أحسن الطرق في تلقينها ما تعلمه الطالب في الأرض التي يتعلم جغرافيتها فيطوف فيها مع استاذه ويريه سهولها وجبالها وبحيراتها وأنهارها وخلجانها وبركانها وقالوا أن تبعة تدريس الجغرافيا على هذا النحول عظيمة لأنها في الغالب تضطر الاستاذ أن يصحب معه ثلاثين أو اربعين طالباً إلى اماكن وعرة ولكنها جميلة وقد جرب بعضهم هذه الطريقة في التدريس فكانت طريقته انجع في الاستظهار وتطبيق التعلم على الحس اكثر من تلاوة كتاب والنظر إلى مصور فيحيط الطالب بالصقع وكل ما فيه من ظواهر الطبيعية أكثر ممن يسيحون وهم في القطارات لا يعرفون من البلاد إلا ما يكتب لهم أن يطلعوا عليه من نوافذ مركبتهم، والاساتذة الذين يمثلون صقعاً لتلاميذهم بالتصوير الشمسي أو رسم المسطحات أو الطواف في الضواحي يغرسون فيهم ذوق النظر والتشبيه ويضمنون لهم الفرح الكبير فإذا عملت الجغرافيا على هذه الصورة ولا سيما ما كان منها مختصاً بمملكة المتعلم يكون لها شأن عظيم في تربية قوى المتعلمين فلا تدخل في عقولهم مبادئ مهمة فقط بل تعلمهم النظر والتدبر فيكون منها مجموعة تتكون منها أحسن اداة في التربية العامة واقوى عامل في التعليم العملي فيتلقى الطالب من تعليمها على هذه الصورة اصولاً ينتفع بها في حياته يوم خروجه من المدرسة.

انتشار الألمان