أبكتني: (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) كيف لا تذهب العيون من البكا وما تدري ماذا أعد لها سبقت السعادة لمحمد صلى الله عليه وسلم قبل كونه ومضت الشقاوة لأبي جهل قبل وجوده، وخوف العارفين من سوابق الأقدار قلقل الأرواح هيبة، لا تسل مع تحكم (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها) قوي قلق العلماء:
أترى سئلوا لما رحلوا ... ماذا فعلوا أم من قتلوا
أحليف النوم أقل اللوم ... فعندي اليوم لهم شغل
أدنى جزعي لم يبق معي ... قلب فيعي منذ احتملوا
جلدي سلبوا جسدي نهبوا ... كمدي وهبوا كبدي تبلوا
هيهات أفيق اذليس تطيق ... هذا ايليق فما العذل
لما ذرفت عين وقفت ... أترى عرفت ما بي الإبل
ولحى اللاحي وهو الصاحي ... وهمو راحي وأنا الثمل
ومن فصل آخر: يا تائهاً في ظلمة ظلمه، يا موغلا في مفازة تيهه، يا باحثاً عن مدية حتفه، يا حافراً زبية هلكه، يا معمقاً مهواة مصرعه بئسما اخترت لأحب الأنفس إليك، ويحك تطلب النجاة ولست على الطريق، هز الزمان بوعظه فماً فما سمعت: لينذر من كان حياً ومنه:
إلى أي حين أنت في زي مجرم ... وحتى متى في شقوة والي كم
وإلا تمت تحت السيوف مكرماً ... تمت وتلاقي الذل غير مكرم
فثب واثقاً بالله وثبة ماجد ... ترى الموت في الهيجا جنى النحل في الفم
ومن فصل آخر:
تبني وتجمع والآثار تندرس ... وتأمل اللبث والأرواح تختلس
ذا اللب فكر فما في الخلد من طمع ... لا بد ما ينتهي أمر وينعكس
أين الملوك وأبناء الملوك ومن ... كانوا إذا الناس قاموا هيبة جلسوا
ومن سيوفهمو في كل معترك ... تخشى ودونهم الحجاب والحرس
اضحوا بمهلكة في وسط معركة ... صرعى وماشي الورى من فوقهم يطس
وعمهم حدث أو ضمهم جدث ... باتوا وهم جثث في الرمس قد حبسوا