كأنهم قط ما كانوا ولا خلقوا ... ومات ذكرهمو بين الورى ونسوا
والله لو نظرت عيناك ما صنعت ... يد البلى بهمو والدود يفترس
من أوجه ناضرات حار ناظرها ... في رونق الحسن منها كيف تنطمس
وأعظم باليات ملبها رمق ... فليس نبقى وهذا وهي تنتهس
وألسن ناطقات زانها أدب ... جفت وما شانها بالآفة الخرس
لستهمو السن للدهر فاغرة ... فاها فآهاً لهم إذ بالردى وكسوا
حتى م ياذا النهي لا ترعوي سفهاً ... ودمع عينك لا يهمي وينبجس
ومن قوله في الفصل الأخير: هذه قصص النجاة قد أمليتها فعنونها وهذه جوارشات المواعظ قد جمعتها فاعجنها ثم قال في الختام لمن أصغي واصف، أفي عزمك أتباعي فأقف، الليل يضج من نومك، والنهار يستغيث من قبح فعلك.
يا أيها الراقد كم ترقد ... قم ياخليلي قد دنا الموعد
وخذ من الليل وساعاته ... حظاً إذا ما هجع الرقد
من نام حتى ينقضي ليله ... لم يبلغ المنزل أو يجهد
قل لذوي الألباب أهل التقى ... قنطرة العرض لكم موعد
وكان بودي - لولا خشية الإملال من الإطالة وعدم اتساع نطاق المجلة - أن أستوفي نقل بعض فصول (هذا المدهش) برمتها لما تضمنته من محاسن البلاغة وأسلوب الحكيم وجودة المعنى والمبنى مما جمع بين اللذة والفائدة ودل على سمو مدارك المؤلف وسعة فضله وغزارة مادة علمه كما يظهر من ترجمته فعسى أن يقيض الله له من خدمة العلم وناشري الويته من يجيد طبعه ويستخرج للناس جواهر كنزه فيحظى بالربح عاجلاً وآجلاً مع تخليد الذكر الجميل والأثر الحسن والسلام.