عمر بن الخطاب على ما يتهمهما بعضهم بذلك ظلما وقد كتب المؤلف الآن مبحثاً في المجلة الافرنسية قال فيه ما حاصله: شدد (جول فالي) في كتابه الأخير في كلامه على تأثيرات الكتاب السيئة فقال أنه طالما آذى قارئه بما ينبعث منه من الأفكار وخصوصاً كتب الأقاصيص والسير والغرام فلا تجد منتحراً إلا وقد سبقت له مطالعة أساليب الانتحار في كتاب ولا امرأة غادرت بيتها متهتكة إلا لأنها تلت القصص الغرامية ولا قاتلاً إلا سهلت له ما هو بسبيله مطالعة الكتب وكم أثرت الكتب في كبار الرجال فكانوا صرعاها في الحقيقة أمثال مورجة وموسه وبالزاك وساند، قال سيم أما الكتاب على التحقيق فهو كاللسان كما قال ازوب في الخير والشر هو رابطة الحياة المدنية ومفتاح العلوم به تعمر المدن وتنظم وبه يعلم الناس ويقنعون ويحكم الحاكمون والمسيطرون وبه تتم أول الفروض على المرء من حمد الله كما أنه اشر ما في العالم وأصل كل خصام وبلاء ومولد القضايا ومبعث الشقاق والحروب فإذا قيل أنه لسان حال الحق فهو أيضاً لسان حال الضلال بل النميمة والغيبة.
فالمؤلف إذاً قد غالى في وصف سيئات الكتاب فنظر إليه من وجه وترك الوجه الآخر وهو وجه الحسنات وفاته الخير الذي يسد به والعلم الذي ينشره والعزاء الذي تتعزى به النفوس والغذاء الذي تتغذى به الأرواح فقد قال سلفستردي ساسي: ما قط عراني ألم من الآلام التي تداهم القلب إلا وعالجته فزال بمطالعة ساعة وقد قال الفيلسوف شيلر يخاطب قريحته: ماذا أكون أولاك أني أجهله ولكنني أرتعش عندما أرى مئات وألوفاً من الناس حرموا منك، ولذا أتوخى هنا أن ألقي نظرة فيمن أحبوا الكتب وأولعوا بها وجعلوا فيها لذتهم بل سمرهم بحيث خصوا بها كل شيء وصرعوا بها مختارين راضين.
وكم من مولع بالكتب طال عمره كأن الكتب مما يطيل حبل الأجل فلو تتبعت سير الرجال منذ عهد ايراتوستين (٢٧٦ - ١٩٥ ق. م) إلى دانيال هوية (١٦٣٠ - ١٧٢١) لوجدت كثيرين من المعمرين المولعين بل المتجننين يحب الكتب ومنهم كيتي الفيلسوف والعالم تيرس والعالم كيزو واللغوي لتره والعالم ارنست لوكوفيه وغيرهم من المعمرين من أهل القرن الماضي والذي قبله وما منهم من قصرت سنه عن السبعين ومنهم من بلغ المئة وأكثر، وشيخ رجال الأدب اليوم في فرنسا المغرم بالكتب المشهور فرنسوا فرتيول بلغ