السابعة والتسعين من عمره ولا يزال إلى اليوم في صحة ونشاط بين كتبه الكثيرة وأحبابه الموالين له.
وأقدم صرعى الكتب ايراتوستين الفيلسوف الجغرافي الرياضي اليوناني من أهل القرن الثالث قبل المسيح دعاه بطليموس من آثينة إلى الاسكندرية ليفوض إليه إدارة المكتبة التي أنشأها فيها وإذ كف بصره في آخر عمره آثر الموت على أن يحرم من مطالعة الكتب ويحرم من دروسه المعتادة فانتحر جوعاً، وأحدث صرعى الكتب شارل ديديه (٨٠٥ - ١٨٦٤) مؤلف رحلات كثيرة على الشرق كف بصره فآثر الانتحار على العيش بدون تلاوة وهذا فعل، ومثله ستانيسلاس كويارد (١٨٤٦ - ١٨٨٤) العالم المستشرق استاذ اللغة العربية في كوليج دي فرانس فإنه لما استحكم منه المرض فضل الانتحار على أن يعيش في راحة اضطرارية منقطعاً عن عمله، ومثله الطبيعي الباحث الألماني اميل بسلس (١٨٤٧ - ١٨٨٧) أضاع في غرق مجموعاته الثمينة وسطت النار بعد سنين على مكتبته وجميع مخطوطاته فرأى الانتحار أفضل من تحمل ألم تلك الرزية التي أصابته.
ومات بريان الأميركاني حزناً على كتبه الثمينة وكان أعطاها في حال غفلة لإحدى المكاتب ومات كوجه الافرنسي لأنه رأى عشرة آلاف من كتبه تنتقل إلى يد غير يده وكذلك اللغوي ريشارد برونك مات لأن الحالة المالية اضطرته أن يخرج عن ملكه بعض كتبه العزيزة، ومن الناس من حزنوا وهلكوا لما رأوا مجموعاتهم تنهب أو تعطل وكم من علماء وأدباء وخازني كتب قضوا بما وقع فوق رؤوسهم من الكتب والأسفار الثمينة الثقيلة أو وقعوا من سلم وهم بصدد وضع كتاب في بيته أو رفه أو إخراجه منه وكم من عالم أحرق كتبه بإهماله وذلك بشمعة سرى لهيبها إلى ورق أو أحرق نفسه بشمعة كما فعل تيودورمومسن المؤرخ الألماني الذي نقل النار إلى شعره الطويل الأبيض فمات من أثر حروق وكم من مولع بالكتب مثل بولارد (١٧٥٤ - ١٨٢٥) الذي جمع مكتبة فيها ستمائة ألف مجلد ملأ بها تسعة بيوت وأنهكه التعب في جمعها ونقلها فكانت سبب هلاكه.
ومن الناس من قضوا على أنفسهم بصنعهم وانصرافهم إلى المطالعة والاستغراق في الكتب ومن هذه الطبقة انكتيل دوبورون (١٧٣١ - ١٨٠٥) المستشرق المشهور ناقل كتاب الزاند افستا الفارمي إلى الافرنجية وموجد الدروس الآسيوية في أوروبا وعارف لغاتها كلها كان