بعث المسيو برتولون من المشتغلين بعلم تاريخ الإنسان إلى المجمع العلمي القرطاجني في تونس بمبحث بين فيه الفروق بين جماجم القرطاجنيين منذ ٢٤٠٠ سنة وجماجم التونسيين المعاصرين جاء فيه أن علماء الإنسان يتوصلون إلى درس الأخلاق الرئيسة لمعرفة مميزات عنصر من العناصر بالنظر أولاً إلى قامات أهله فمن أجناس الأمم من يغلب عليها طول القامات مثل الايكوسيين والسويديين ومنهم من يكونون قصارها مثل اللايونيين والسارديين والصقليين ثم ينظر إلى ألوان البشرة والعيون والشعور وحجم الجماجم والأنف والعيون والوجه فيقدرون المقياس الأعلى بمئة ومن بلغ طول رأسه من ٧٠ إلى ٨٦ كان معدوداً في طوال الوجوه ثم يقاس الطول مع العرض وتجري النسبة بينهما وقد قاس في تونس مئة جمجمة قديمة جداً يظن أنها من جماجم القرطاجنيين من القرن الرابع قبل الميلاد و٢٣ جمجمة حديثة من جماجم التونسيين فاستبان أن نساء القدماء يشبهن بتقاطيعهن نساء المحدثين إلا قليلاً وأن الاختلاف محسوس بين رجال اليوم ورجال أمس وأن العقول كانت واحدة في القرطاجنيين والتونسيين وكان كثيرون من القرطاجنيين طوال القامات ومميزاتهم كمميزات قبائل الغرب العظمى المعروفة في التاريخ باسم النوميديين وثبت له أن سكان ضواحي تونس يشبهون أولئك القدماء في قاماتهم وأن سكان قرطاجنة وتونس ظلوا متشابهين منذ القديم إلى يومنا هذا على ما طرأ عليهم من الطوارئ السياسية وبعيد أن يكون قدماء القرطاجنيين من فينيقية لأن الفينيقيين عرفوا بضيق جبهاتهم وكانت أواسط رؤوسهم منبسطة واستدل من حفريات مدافن صيدا ومن قياس هيكل عظام الملك ثابنيت بن اشمونازار الذي وجد في إحدى النواويس الصيداوية أن القرطاجنيين لم يشبهوا الفينيقيين بجنسهم وأن القرطاجنيين اختلطوا بأهل عنصر طويلة رؤوسهم وكذلك الحال في عيون الصيداويين أنها كانت أكثر استدارة من عيون القرطاجنيين وأنوف الفينيقيين أصغر من أنوف القرطاجنيين وبذلك ظهر أن سكان قرطاجنة (المستعمرة الفينيقية) في القرن الرابع لم يكونوا من عنصر يشبه العنصر الفينيقي وأن سكان قرطاجنة من أصل العنصر الذي أنشأ المدنية في بحر ايجيه (الارخبيل) أي أجداد المدنية اليونانية كما استدل الباحثون في أصول مدنية شواطئ البحر الأبيض أن هؤلاء الإفريقيين القرطاجنيين قد فني فيهم الطوارئ من الفينيقيين الذين حلوا ديارهم فكان أهل قرطاجنة فينيقيين ثم رومانيين ثم