يتكلم في الزيارة المشروعة وينهى عما أحدث فيها أو يتكلم على أنواع الشرك المقررة في السنة أو يزجر عن الغلو في الصالحين دعوه (وهابياً) إلى غير ذلك من أفانين أقوالهم ونبزهم بالألقاب لكل من لا يمالئهم على ميولهم ولا يسايرهم على أهوائهم، ولهم في كل عصر تلقيب جديد ونبز مبتدع.
العالم الحكيم لا يأبه لهذه الألقاب إذا صدع بالحق ولا تحزنه بل يعيرها إذناً صما لأنه يجري على ما يوجبه دينه، ويفرضه عليه يقينه، وهو ما يرضي ربه وخالقه تعالى فإن رضاء الناس غاية لا تدرك وإنى للعاقل إرضاء أهواء متباينة ومنازع متناقضة.
ما ألذَّ الألقاب التي تتنوع على المصلح وهو ساع إلى خير قومه وما أوجب الترحيب بها والابتسام لها فإن أمامه من الأنبياء ووارثيهم ما يعزيه ويسليه وكفى بهم أسوة وما أصدق قول ورقة بن نوفل للنبي صلى الله عليه وسلم: أنه لم يأت أحد بمثل ما جئت به الأعودي: رواه البخاري.
الثبات على تحمل المشاق والصبر الجميل من الواجبات المحتمة على كل داع إلى حق والصدمات التي يجدها البطل المقدام يجب أن تقابل بثبات الجأش وأن تكون كلما تجددت باعثةً على تجدد القوى ومواصلة العمل والسير ولذلك قرن تعالى في كتابه الحكيم التواصي بالحق بالتواصي بالصبر وصدق الله العظيم.
خوض بعض المفتين في التلفيق
مسألة التلفيق من غرائب المسائل المحدثة المفرعة على القول بلزوم التمذهب للعاميّ وهوقول لا يعرفه السلف ولا أئمة الخلف وقد اتفقت كلمتهم على أن العامي لا مذهب له ومذهبه مذهب مفتيه.
ترى الفقيه من القرون المتأخرة لو سئل عن رجل مسح بعض رأسه أقل من ربعه في وضوئه ثم خرج منه دم وصلى يجيبك بأن صلاته باطلة لأن عبادته ملفقة من مذهبين فخرج منها قول لا يقول به أحد هذا قصارى جوابه في فتواه ومبلغ عمله على دعواه مع أنه لو فرض أنها حدثت في القرون الأولى وسئل عنها مفت سلفي لكان نظره في صحتها أو فسادها إلى الدليل المبيح لها أو الحاظر ولا يمكن أن يتصور أن يقول له: عملك هذا ملفق أو هذا تلفيق وإنما يأمره بالفعل أو بالترك استدلالاً أو استنباطاً فحسب، ولذلك لم