للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحداً من القضاة كإبراهيم بن الجراح كنت إذا عملت له المحضر قرأته عليه أقام عنده ما شاء الله أن يقيم ويرى فيه رأيه فإذا أراد أن يقضي به دفعه لي لأنشئ منه سجلاً فأجد في ظهره قال أبو حنيفة كذا وفي سطر قال ابن ليلى كذا وفي سطر آخر قال أبو يوسف كذا وقال مالك كذا ثم أجد على سطر منها علامة له كالخطة فاعلم أن اختياره وقع على ذلك القول فأنشئ المسجل عليه انتهى وهكذا حق المفتي أن ينظر في الواقعة إلى أقوال الأئمة ويفحصها وينعم النظر حتى إذا استبان له قوة أحدها توكل على الله تعالى وأفتى به والأئمة بأجمعهم لم يغادروا في النوازل بذل الواسع حتى اجتمع من أقوالهم الكثير الطيب ووجد فيه الأمثل فالأمثل وأعني بالنوازل ما تجدد على عهدهم وأما المأثور فما كان عن الصحب رضوان الله عنهم فكذلك يتخير فيه الأمثل وما كان عن الحضرة النبوية فهناك فصل الخطاب والله الموفق.

تتمة الآداب في هذا الباب

نختم هذا البحث الجليل بما جاء في الإقناع وشرحه في كتاب القضاة والفتيا مما لم نذكره قبل وعبارته مع شرحه.

يحرم الحكم والفتيا بقول أو وجه من غير نظر في الترجيح إجماعاً.

ويجب أن يعمل بموجب اعتقاده فيما له وعليه إجماعاً قاله الشيخ.

وينبغي أن يكون بصيراً بمكر الناس وخداعهم حذراً مما يصورونه في سؤالاتهم لئلا يوقعوه في المكروه.

ويحرم تساهل مفتٍ وتقليد معروف به (قال الشيخ): لا يجوز استفتاء إلا من يفتي بعلم أو عدل:

ويلزم المفتي تكرير النظر عند تكرار الواقعة وإن حدث ما لا قول فيه تكلم فيه حاكم ومجتهد ومفت.

وينبغي للمفتي أن يشاور من عنده مما يثق بعلمه إلا أن يكون في ذلك إفشاء سر السائل أو تعريضه للأذى أو مفسدة لبعض الحاضرين فيخفيه إزالة لذلك.

ولا يلزم جواب ما لا يحمله السائل لقول علي - كما في البخاري - حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله وفي مقدمة مسلم عن ابن مسعود: ما أنت بمحدث